القيمة التفاعلية بين الموروث والحداثة ،القصيد والسرد التعبيري

  ( فضيلة الشعر أن يكون أصفى وفضيلة النثر أن يكون أشفى وفضيلة المركب منهما أن يكون أوفى) التوحيدي

      الشعر أن تحول فكرة صغيرة من عالم واقعي نفسي انطولوجي الى عالم بأمكانيات اللغة المتاحة،الشعر ليس تداعيا وسبك ونظم ربما خواطر ولكنها تحتاج مهارات وموهبة فطرية،سنلامس في هذه القراءة قضية ادبية ساقنا اليها قراءتنا لتجربة مهمة وثرية لشاعر واسع الافاق بعيد المرامي يمتلك مقومات ومفاتيح للولوج الى فضاءات تخترق اللغة وتتجاوز رؤاها في تنوع في الكيفية والاسلوبية في الشكل الادبي ومايتفرد به كل شكل من مزية تنبع أساسا من الموهبة الفطرية والاسس المعرفية والاشتغالات البنائية والتكوينية في قدرات ومدركات الشاعر،

     في كل أن كالجبل المثقل
كالشجر المثمر    كالراهب المدرك
انحني فضلا     امتنانا وعجزا   للمولى
    أفيض شكرا للمنى    في كل حال في كل أن    في الشروق     في الغروب    في الغسق    في الشفق
في الصباح     في المساء     أتألق بفيوضات حبي     بأسرار محبي

    في كل ان    ارى نفسي
   أمام العطايا العظام
ضعيف الحال قصير المقام
وسيدي لايقطع عني
  يزيدني    يكرمني    يمهلني
ولايهملني    يجبر كسري

  فالشعر وحي البديهية والالهام والوجدان والنثر ثمرة الفكروالدرس والمعرفة ،وهنا لايمكن نفي صورة العقل في البداهة والتلقائية أوضح وفي الصورة والاحساس ألوح،ولكن ذلك ليس أصلا في فن الشعرولا سمة من سماته ،بل هو أثار النفس وتفاعلها مع محيطها ومفاجأته وعواصفه ،(أن أحسن الكلام مارق لفظه ولطف معناه وتلألأ رونقه وقامت صورته بين النظم كأنه نثر ونثر كأنه نظم)كما يقول التوحيدي وهو فيلسوف الادباء،الذي اعتمد العقل الجدلي وكشف كل حقيقة كل منها لايستر ويحتاج الى تأويل،

     هو الايمان     اذا ماخلط الفؤاد فرسى     هي المحبة     ما أن اصطلت نارها بالقلب فجوى    هو اليقين     مان استقر بالروح     فزادها اطمئنانا     أن كل شئ بقدر لاهوس

   تمنيت أن أوقف الزمن
لأتحدث عن من سرقت ارواحهم
أن أكون مع من يكتبني    أكثر رسما     لأملأ كل فراغ     حتى لاتختل أضلعي

نلاحظ في تجربة الشاعر الجمع في نمطية بين أمرين،حرص على التفعيلة والتقفية بأشكال متوالية أو متعاقبة وسردية تعبيرية ،بجزالة الفاظ ولغة ثرة وتصويرية في مناجاة ذاتية او واقعية او مشهدية ،

وجه الحسين بالمكارم يلمع
وسط النجوم بنور جده يسطع
نفح الصحائح للماثر قدوة
وبمثله الاخلاق ذا تتربع
در فريد والبتول عقيقه
ظل الحسين كمسكه يتضوع

يازينب الطف ماجفت مأقينا
من حرقة الطف قد فاضت قوافينا
سبعون نجما بليل الشمر في نظر
لأبن الطليقة شيطان المرابينا
أسيرة الدمع لادمعا فتسكبه
بالحب للحق لا بالحقد تأتينا
لكنها وقفت ندا لمغتصب 
في خطبت العد كم حازت ملايينا
وجه الحسين هي الحوراء عالمة
من نبض أحمد واليعسوب نادينا

  أن هذه المناجاة والتصويرية بين التصويرية والواقعية ترسم الحدث والهدف من بدئه حتى ختامه تشخيصا وتجسيدا في مجازات محلقة أو تصوير جارف لحقيقة واقعية في رؤى متجاورة في تكوين ابداعي لجدارية من شعرية موروثة أو شعرية حداثية في تجاور خلاق وتناغم واعي لموروث ومستحدث من سياق واحد ،مضفورة في خيوط ذات دلالات تتسم ذاتية الرؤية ولاتعصف وصفا تاما بتقنية التعبير وحسن الحاضرة ،

رحابة القلب صف العشق أحجية
دعاؤها سكن الصبح به الكلم
رفداه ضم جناحي،سحر القافية
قصيدها أنطق الاموات كلهم
خاط الحروف كايات تدوزنها 
زلفى المصاحف حيث الدمع منصرم 
مذ كانت حبات التسبيح بسورته
كأن السحاب من اذكاره القلم

أن الاسلوبية في تجسيم وتشخيص وتركيب بناء لغويا يتجاوز المنطق التصويري ويجمع الاضداد ليصنع مفارقة بسحب الزمنية وفق مقتضيات الصورة الشعرية والاشتغالات اللفظية في تناصات من الذكر المقدس في بعض النصوص ،أو من اليوتوبيا التاريخانية لمأثر تركت بصمات وثلمات مازالت ظلالها ذات تأثير تفاعلي على الذات الشاعرة والمحيط ليعطي للمتلقي الخيوط التي يتلمسها ليصل الى فحوا القول ،فالشعر ليس غاية وانما وسيلة تعبيرية للانفعال والعاطفة والوجدان ،قد نجد أفكارا في قصيدة ومناجاة صوفية في أصوات تهجدية في قصيدة أخرى ،لكون الشاعر ينتقي الفاضا تؤثر في نزعتنا وتجعلها تصطفي رؤى وفق مدارك التلقي،

أقرأ رسالة نهج العقل تكتسب
فتحا اذا ما غدا التفكير ينشعب
(بأسم) الذي شرح المكنون في كلم
مابين الكاف والنون ثم نحتسب
كم في ألذي خلق الارواح ألسنة
قد انحنت خجلا قاموسها الادب
وأعلم فكم اربت الارض جوهرة
تسبح الله في أعماقها الرطب

 






Share To: