عندما نلجأ أن نكتب عن الطفولة هناك من سيبكي بمجرد أن تسأله عن طفولته، وهناك من سيقول يا ليت الزمان يعود الى الوراء، لكي نعيش تلك الايام الجميلة.
أما عن طفولتي فيصعب الحديث عنها، تحملت الكثير وأنا طفلة صغيرة لا تعرف شيء عن الدنيا، أنا تلك الطفلة التي تركتها أمها مع أبوها ،وذهبت لرجل آخر كانت تحبه، قمت بالتخلي عني يا نبع الحنان مع أبي الذي كان كل يوم يضربني، ويعذبتي أشد العذاب، وكأنني  عدوته، وجدتي أيضا  التي لم تحن علي ولو قليلا ، يعاملونني كحيوان ،وأنا طفلة تبلغ من عمرها ستة سنوات مكاني كان سيكون مع الاطفال يلعبون، وفي المدرسة أدرس.. لكن يا أسفاه ويا أسفاه ...كنت أرعى من الصبح حتى غروب الشمس لا أعلم ما كنت أعيشه وحين أتي الى البيت تقوم جدتي بشتمي وبقساوة  ... كنت أنام بالجوع كل يوم  بسببهم منعوا علي حتى الاكل،  يودون لي الموت،  لا أعرف حتى لهذا اليوم كيف نجوت من الموت أما عن أبي الحبيب   كلامه كان كافيا لزرع في قلبي جرح لا يشفى، ولا ينسى  يقول لي انت كأمك  يا عديمة التربية  ويا.... أين كنت عندما تزوجتها لتنجب لي  هذه اللعنة إنها تستحق الموت... 
كلامه هذا يتكرر كل يوم لا أعرف ماذا فعلت لكي أستحق كل هذا العذاب منك يا أبي  ألست إبنتك ؟
كل ليلة أذهب لغرفتي وأبكي، وأتذكر أمي وأقول يا ليتها تعود الان وأذهب معها لكي ينتهي هذا العذاب الذي أعيشه   ولا تتركني مع هذه الوحوش ... 
بقيت على تلك الحالة ،والمعاناة التي تأتي من أبي وجدتي .العذاب، الضرب، الجوع... مررت بأكفس المعاناة هرمت وأنا طفلة صغيرة التي كان ينبغي عليها أن تكون في المدرسة، لكن مع الاسف هذا هو قدري .
وعندما بلغت من عمري  ثلاثة عشر كل شيء سيتغير مرة أخرى ...في ليلة قاسية او دعنا نسميها بليلة سوداء.. دخل أبي الى غرفتي وأخبرني بأن هناك رجل في الخارج ويريد رؤيتي من أجل الزواج تجمدت في تلك اللحظة  لم أتحرك ولم أستطيع ان أبوح ولو بكلمة كأن كل شيء توقف في تلك اللحظة.

كيف لي أن أتزوج وانا طفلة  طلبت أبي كثيرا أن لا أتزوج ،لكنه كان مصر على قراره  كان أبي قاسيا جدا،  أما عن جدتي كانت دائما تقول بأنك ستصبحين عروسة قريبا ،وأنا أنظر إليها  ببراءة وأحاول إقناعها أني لا أريد الزواج لكن للاسف تضربني  وتشتمني ...
أعيش في عذاب وسأذهب لعذاب آخر ...
وأتى يوم زفافي ولا أعرف كيف أتى بسرعة كان الجميع سعداء  سوى أنا ، كأنني سأذهب للموت..كنت أبكي، وخائفة عن ما ينتظرني عندما أذهب مع ذلك الرجل الذي لا أعرف عنه أي شيء سوى إسمه.  لم أستطيع أن أمنع ان لا يكتمل ذلك الزفاف، ولم أستطيع أن أقنع أبي وجدتي لكي لا أتزوج .. لم أفعل أي شيء ذهبت مع ذلك الرجل الغريب وتزوجت حقا .
وها اليوم مرت  ثلاثين سنة على زواجي لكنني لم أنسى ما حدث لي وما عشته من ألام، ومعاناة، سيبقى كل شيء راسخ في ذهني وكأن حدث يوم أمس .
لم يتغير أي شيء أبدا لا زلت لحد اليوم أعيش أكفس المعاناة وأبشعها مع زوجي، بسبب خطأ أمي وأبي الذي أتعاقب عنه أنا ... كل شيء بالاقدار سأبقى هكذا إلى أن يأتي يوم الفرج وهو  الموت.





Share To: