الكاتبة سهام محجوبي تكتب "أيها الفاشل" 


اسمح لي أيها القارئ الفاشل أن آخذك الى عالم خاص مليء بالخيال والقليل من الاضطراب، سيسعدك التواجد فيه كثيرا، لكن أولا اترك كل شيء خلفك، مثل: حقيبة سفرك وحزنك وأهدافك في الحياة. اترك كل شيء إلا أناقتك ورُقيك فهُما يَهماني كثيرا حتى نبدأ رحلتنا الممتعة، هدفنا الوحيد فيها هو تغيير نظرتك للحياة وسبيلك نحو النجاح. لكن هذا العالم الخاص يشترط ثلاثة شروط حتى تُحلق فيه عاليا، أولا: لا يقبل إلا الفاشلين في حياتهم، أولئك المثابرين والمقاتلين كل يوم وبلهفة جديدة، والذين لم يصلوا بعد إلى حلمهم الكبير، الواقعيون يسمونهم بالفاشلين، أما في هذا العالم فلهم اسم آخر. والشرط الثاني هو أن تكون حياتك الواقعية لا تُستحمل، ويملأها الحزن والقهر إثر فشلك المزعوم. فتعال أنت مرحب بك بحفاوة، أنت المفضل، وسيد هذا العالم، وذو مركز مرموق. أما الشرط الأخير فهو أن تكون شخصا غير أناني، تهمك سعادة الآخرين بقدر اهتمامك بسعادتك الشخصية، لأننا في هذا العالم نعيش بشعار " أحب الخير لأخيك"، فنهتم بالآخر أكثر من اهتمامنا بأنفسنا، وقد نصل لدرجة أننا نُفضله أحيانا على أنفسها.
فهل تتوفر فيك الشروط الثلاثة؟
 إذا كانت الإجابة بنعم، فتفضل معنا.
إذا أيها الفاشل، إليك الصدمة التالية: 
أنت شخص ناجح، حسب قانون عالمنا الذي يقول: "الفاشل ناجح حتى يثبت استسلامه "، لأن ما تسعى إليه هو آتيك لا محالة، ينقصك فقط العمل الجاد والمُستمر، ولا تقارن نفسك بأحد، فأنت لم تُخلق في هذا الكون للمقارنة، بل خلقت لتطور من نفسك وتصبح نسخة أفضل من الأمس. وأنت لست الماضي بكل إخفاقاته بل أنت الحاضر بكل خبرة الماضي، فابدأ رحلة تحقيق حلمك الآن. فالنجاح نناله من كثرة السقوط، والفشل هو أول درجات النجاح، ولا ضير من المحاولة، ولتكن رحلتك نحو النجاح أجمل بكثير من لحظة تحققه، فالإنسان الطموح الذي يكون واثقا من نفسه ومن قدراته، كل شيء يريده سيحصل عليه عاجلا أم آجلا، يلزمه فقط الإصرار والثبات على الطريق المستقيم نحو الحلم، ولتعلم أن الاستسلام هو عدوك الوحيد أثناء رحلتك، أما الاستمرار في المحاولة فهو نجاح بكل المقاييس.
 عندما تقتنع بكل هذه الأفكار السابقة، ابدأ رحلتك نحو حلمك التي لن تندم عليها أبدا ما حييت، وقاتل من أجله حتى آخر نفس، لأنك تملك قدرة خارقة لتحقيق جميع أحلام الكون. ثابر لم يتبق أمامك إلا القليل، أنت على الطريق الصحيح، قاتل لأنك تستحق ذلك الحلم أكثر من أي شخص آخر، فأحيانا نستكثر الفرحة على قلوبنا ونحن أكثر من يستحقها، نرى أننا نستحق الأسوأ لمجرد أننا أخفقنا ولم نصل إلى مُرادنا، ونظفر بحاجتنا في الماضي. اخفاقاتك ليست جزءا منك ولا سببا لاستسلامك، بل هي نجاحات صغيرة تسبق نجاحك الكبير، وحوافز تدفعك نحو الأمام.
 أثناء مُكوثك في هذا العالم يُحرم عليك أن تقول إن حلمك يستحيل أن يتحقق، وأنه حلم أكبر من طاقتك، أو التردد والشكوى من الصعوبات، لأن هذه الأخيرة هي التي تجعل رحلتك أمتع. ويُسمح لك أن تحب النجاح والخير لغيرك، وتساعده قدر المستطاع، وتغسل قلبك من الحسد والحقد على الأشخاص الذي وُفقوا في تحقيق أحلامهم، فالعالم يتسع لأحلامنا جميعا، فلا وجود للأنانية في العالم الخاص لذلك الكل هنا ناجح في جميع أمور حياته.
في الختام سأخبرك سرا رغم أني نَهيت في مقالتي السابقة عن إفشاء الأسرار، ولكن لا بأس، لا ضرر في ذلك، وهو: أني أنا شخصيا طاردت حلما لمدة عشر سنوات حتى حققته، وفخورة أني استغرقت كل هذه المدة لأنه يستحق. هدمت جبالا كان يستحيل حتى الوقوف أمامها، وسبحت عكس التيار بعد أن آمنت بنفسي وقدراتي، وحققت الحلم الذي كان يبدو لي بعيد المنال، بعد عدة إخفاقات متتالية. فأخبرني، كم لبثت أنت؟
والآن يمكنك العودة إلى عالمك الواقعي، وأنت تحمل كل ما سبق في جُعبتك، كتذكار جميل من العالم الخاص. رافقتك السلامة.






Share To: