في الفترة الأخيرة استولت على نفسي: ذكرياتي أو حياتي خلال مرحلة الصبي وطلت برأسها فكتبت عنها وعن شخصياتها وأحداثها بعد إلحاح شديد لم أستطيع له صرفا أو فكاكا منه.... كتبت عن نماذج انسانيه بشريه متباينة تمثل نماذج عدة من عالم المهمشين تركت في نفسي و عقلي أثر أو ذكرى وشكلت جزء من عقلي ووجداني لم تستطع الذاكرة لها محوا كتبت عن بائعين جوالين من المهن والحرف البسيطة يطوون الأرض تحت أقدامهم سعيا على وبحث عن لقمة العيش، كتبت عن أغلب من اخترق الأزقة والحواري في منطقتنا لأي سبب كان وترك في نفسي أثر قصة تستحق أن تحكى ويسمعها غيري فأقوم بسردها له بعد أن أزفر كلماتها من روحي واقتطعها من نفسي.... أشعر أنني أنتمي لهذه الشريحة من الشخصيات الهامشية التي لا تجد غضاضة في إطلاق: مشاعرها عفوية تعبر ببساطة دون تعقيد عن نفسها ، دون تحفظ فتحمل ملامح الوجه أغوار النفس مرسومة من براءة وفرحة طفولية لا تستبقي خلجة من سعادة إلا أطلقتها للخارج أو رجاء أو استعطاف الكل صادق لم يخصم منه العقل شيء... القلب يظهر في نظرة العين...،كنت في صغري أفك رموزي بنفسي فلم أشعر يوما أنني أريد أو أن أنتمي للأماكن المرفهة التي تحتفظ سكانها بتقاليد مكتسبة متوارثة تصرفات محسوبة برتوكول وثقافة تخفي أكثر مما تظهر، من الصعب قراءة وجوه أصحابها فلديهم القدرة على التحكم في مشاعرهم فلا يظهر منها إلا يريد، صاحب الشخصية الذي يرتدي أقنعة كثيرة لكل موقف ... حياة جامدة أما الشخصيات الأقل ثقافة ،حياتهم على مكتوبة على ملامح الوجوه وبادية في تصرفاتهم.
حدثتني نفسي أن أكتب عن إحدى هذه الشخصيات اليوم ولكنها رفضت بعد أن هممت في بذلك ثم أمرتني بالذهاب لمواقع الأحداث مباشرة بمفردي الذي يحتل فيها المكان الحركة الأكبر للخيال والنشاط العاطفي للذكريات وهو طبيب للروح فهو لا يمل سماع شكوانا ،فهو يملك أحيانا جواز سفري ويدرك جيدا نقاط ضعفي : ذهبت متسلح بذاكرة ترفض النسيان كي أستعيد تلك الحياه مباشرة من موقع الأحداث استنطق الماضي أغيب أعيش فيه من جديد أستمتع باستعادته أتمني أن أقبض عليه وتؤبده نفسي بداخلها استعيده كلما رغبت في ذلك... قد يكون ذلك هروب من الحاضر وفشل مني في التوافق معه لم أبرأ نفسي أنني أهرب كثيراً من الحاضر ،
انطلقت أتجول في أماكن الأحداث هنا جلست أمام الأراجوز، وهنا أمام من يصلح بابور الجاز، وفي هذا المكان كنت أتناول الطعام البسيط الذي تعاونا نحن الصغار. إحضاره.. هنا اتفقنا ،اختلفنا، لعبنا الكرة وهنا افترشنا الأرض وأخذتنا سنة من النوم أعتقد وما زلت إلى الآن أن ثروتي هي مشاعري وأنها موزعة في الأماكن التي سرت فيها يوماً من الأيام استودعتها الطرقات وفي نقاش وفصال على السعر يفوز فيه دوما الباعة الجائلين فهم أكثر دراية بشغفك على بضاعتهم ، وتحت الأشجار العتيقة الذي أظلني ورقها من أشعة وحرارته وقت الهجير ، أو جدران بيت قديم استندت علية يوما أحدق في اللاشئ ثم سرد أو استمتع بشغف عن حكايات أبطالها من الجن والعفاريت، لا فرق أن أكون أنا يحكي أو يستمع، شعور خفي أن المكان ينتظرني العودة إليه مجدداً .... وهنا.... وهنا.... كنت أتمني في تلك السويعات أن أتمتع بثقافة أفلاطون وفلاسفة الوجود كير كيجارد، وكارل يسبرز ،وجابريل مارسيل وسارتر ،وعلماء التحليل النفسي: فرويد وادلر و يونج ,أجعل من عملهم عصا سحرية أنير بها مناطق عتمة مبهمة من حياتي و تفتح بوابة أسرار وألغاز، حتى أعود سويعات بنفس شعور الماضي.
Post A Comment: