القاصة فاطمة حمزة تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "حُب" 


استيقظ سعيد من نومه مبكرا على صوت امه تدعوه للفطور، خبز ساخن من عجين الفرن وجبن فلاحي من فوق الحصير، وطبق فول بالزبد وفحل بصل. قام سعيد من فوق فراشه غسل وجهه وجلس بجوار امه على الطبلية بالسروال الداخلي والصديري، امسك برغيف الخبز الفلاحي أخذ منه قطعة كبيرة دسها في طبق الفول أمامه يملأ بها فمه وبقبضة  يده ضرب رأس البصل شقه نصفين، دعم طعامه بقطعة منه وكان يأكل بشهية مفتوحة.  
ثم استعد للذهاب للحقل فاليوم سيزرع بذور الطماطم، ارتدي جلبابه الفضفاض ذو الأكمام الواسعة ، حمل فأسه وركب دابته وسحب بقرته، قاصدا الغيط. 
كانت القرية هادئة سماؤها صافية، يخترق الهدوء نهيق الحمير وخوار البقر والجاموس القاصدين الغيطان مع الفلاحين من أهل القرية. 
مر سعيد على البيوت يلقى التحية على أهلها الجالسين على المصاطب أمامها تسعدهم شمس الصباح الدافئة. 
وصل سعيد الى أرضه، ألقى بفأسه، وترجل من فوق الدابة ربطها والبقرة بالجميزة على حافة المسقى 
ضرب سعيد بفأسه الأرض محاولا رسم خطوط تحتضن بذوره الجديدة.
خلع سعيد الجلباب ذي الأكمام الواسعة، يرتدى سروالا فضفاضا وصديري بزرائر امامية، وربط رأسه بمنديل قطني كان الفأس يعلو ويهبط على الأرض بقوة،  تخبر عن قوة ساعدي سعيد الذي تربى منذ صغرة على الطعام الطازج من الغيط، كانت أمه تقطف له حبة الباذنجان يأكل منها تلهيه عن البكاء، عوضا عن الهلاية المعتادة لأطفال الحضر، ويسد بها فراغ جوفه، تركت شمس الغيط بصمتها على وجه سعيد وذراعيه الذين صبغوا  بلون أحمر داكن مائل للسواد ، يبرز لون عينيه الخضراوان كلون البرسيم بالغيطان. 
وقف برهة من الزمن أزاح بكفه عرق جبينه، نظر الى المساحة الممتدة أمامه من الخضرة وكانت الشمس عمودية، تترقب من عليائها نظرات سعيد الذي شاهد من بعيد  فرحة ابنة عمه تسير بين الخطوط في رشاقة بجلبابها الفضفاض والذي لم يفلح في حجب ثنايا  جسدها الغض البض. تعرف أين تضع قدمها، تتجنب العثرات، حتى وصلت إليه. ضحكت في خجل نظراتها تفضح مرادها، وبصوتها  الرخيم سألت سعيد عن حاله  وأحواله وقالت أن زوجة عمها طلبت منها احضار الطعام له بالغيط وهي لا تستطيع رفض طلب زوجة العم. 
تمتم سعيد بكلمات الشكر وتبادلا النظرات الحانية، حمل عنها صرة الطعام  ودعاها للجلوس بجانبه في ظل شجرة الجميز على حافة المسقى، فك رباط الصرة، تناولا معا خبز وعسل وقشطة وجبن  وعود جعديد من الغيط. 
لم تفارق البسمة شفتيهم طوال اللقاء، تناغم الحديث لطيفا هينا، لا يقطعه إلا نهيق حمار، وخوار بقرة صفراء كالح لونها، عقلت في جزع شجرة الجميز،  مرت فترات صمت متقطعة حملت معها أحاسيس وغرام ونظرات العيون الساهية






Share To: