الكاتبة المصرية خلود أيمن تكتب مقالًا تحت عنوان "التقاعس عن تقديم الخير" 


السلام عليكم،  
إن التقاعس عن تقديم الخير من أسوأ الشيم التي قد تصيب البشر فرغم قدرتهم عليها يمتنعون ولا أعلم لِمَ رغم أن تقديم الخير لا يُعَد أمراً صعباً البتة بل هو في غاية البساطة فقد يتمثل في إماطة الأذي عن الطريق ، مساعدة الغير في تيسير ضائقة مالية ، قول كلمة طيبة تمحو بها آثار جروح وآلام حفرت داخل القلب خندقاً عميقاً لا تعرف له نهاية ، زيارة مريض و تخفيف حِمل وعبء المرض عنه ، تقديم صدقة لمسكين لا يتمكن من الإتيان بالقوت لنفسه نظراً لضيق الحال و قلة المال المتوفر لديه و غيرها من الأمور البسيطة التي لا تكلفنا شيئاً سوي امتلاكنا  قلوباً رحيمة ، فلقد أرسلنا الله بعضنا لبعض رحمات لفك كرب بعضنا البعض بطريقة أو بأخري فلقد فُطِرنا في احتياج دائم للآخرين ، فلِمَ نجد ذلك التخاذل و التراجع وقت الحاجة ؟ لِمَ يفعل البشر ذلك ببعضهم البعض ؟ ، ألم يفكروا بأنهم قد يكونوا في موضع الآخرين ذات يوم يحتاجون لمَنْ ينجدهم ولا يجدون يد عون واحدة تخرجهم مما يعانوا منه وتنقذهم مما هم فيه ؟ ، لِمَ صرنا بتلك القسوة و الوحشية والتعامل الصلد الجامد الذي لا يتحمله بشري ؟ ، لم مُحيَّت الرقة و اللين من قلوب البشر لهذا الحد القاتل المروع الذي يجعل الجميع يشعر بالوحدة وقت الحاجة لمساعدة أو مساندة من أحد ؟ ، ويبقي الله خير معين فهو يجبر خاطر الجميع و يرسل إليهم الحلول و الفرج وييسر لهم الحال مهما استحالت الأسباب وقلت المؤشرات وإنْ لم يجدوا الخير في غيرهم من البشر ، فنحن محاطون برحمة الله التي خلت منها قلوب البشر مع الأسف الشديد و صار الجميع يبحث عن ذاته بل ويُفضِّلها علي الآخرين مهما كانت الظروف التي يمرون بها أو الكروب والمِحن التي يعانون منها ولكن ذلك لا يعني التعميم بأن ذلك المرض المتجسد في الشح في تقديم الخير قد أصاب جميع الخلق فما زالت هناك القلة القليلة الراغبة في إفناء حياتها من أجل تقديم الخير لأي امرئ في حاجة إليه ، فهم بمثابة عملة نادرة ، جواهر نفيسة قد تجدها بمحض الصدفة في طريقك وقتما تتعثر أو تمر بظروف صعبة قاسية مستعصية فلا أوقعنا الله في ضوائق أو أحوجنا لأحد من خلقه ، فهو وحده مَنْ يساعدنا علي العبور منها ولو بعد حين ، فلننتظر العون و المساندة منه دوماً فهو القادر علي منحنا ما نستحق ولن يخذلنا أو يحرمنا مما نتمني ، وتبقي النصيحة الأهم بعد خلاصة التجارب الحياتية التي مررت بها هي ألا نتأخر أو نتكاسل عن تقديم الخير إنْ كنا قادرين علي ذلك فلسوف يُرَد إلينا ذات يوم لا محالة بطريقة أو بأخري ، ويجب أنْ نُنَّوه إلى أمر آخر بنفس الأهمية ، فنحن وقتما نُقدِّم الخير لا نكون في انتظار لشكر أو تقدير أو ثناء أو مديح من أحد و إنما نفعل ذلك ابتغاءً لوجه الله و طلباً لرضاه ولأن تلك هي الطبيعة التي فُطِر عليها جميع الخلق قبل أنْ تغير ظروف الحياة بعضهم ، فلابد من ثورة نفسية داخلية لاستعادة تلك القيم المسلوبة التي ستضيع بغير رجعة إنْ اتبعنا الصمت أكثر من ذلك ...






Share To: