تابع موضوع بعض خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم
رحمته صلى الله عليه وسلم بأهل الكتاب (اليهود والنصارى ).
أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن بعض ما اختص الله تعالى به عبده ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم وما ذكرته لك غيضٌ من فيض وقليل من كثير مما اختص الله به البشير النذير دون غيره من الأنبياء والمرسلين حيث تحدثنا عن رحمته صلى الله عليه وسلم باليهود ووصلًا بما سبق أقول وعلى الله القبول ومنه المغفرة وتحقيق المأمول راجيًا منه العفو لى ولكل قارئ ومحب لسيدنا الرسول
نماذج من رحمته والغرض منها
ذكرت لك فى الأسبوع الماضى نموذجين من رحمته باليهود وأذكرك اليوم بنماذج صحيحة ولقلوب المؤمنين مريحة لأنها ثبتت فى السنة الصحيحة
٣/ الدعاء لهم بالهداية: ففي حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قَالَ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَعَاطَسُ عِنْدَ النَّبِى ﷺ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهَا: يَرْحَمُكُمُ اللهُ، فَكَانَ يَقُولُ: «يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»رواه أحمد وأبوداود
وكيف لا يدعو لأهل الكتاب بالهداية وقد دعا للمشركين من قبلهم، فقال ﷺ ـ: «اللهم اهد دوسًا وائت بهم» متفق عليه ودعا ﷺ لأم أبى هريرة رضي الله عنه قبل إسلامها -وهى مشركة- لما طلب منه ولدها أن يدعو لها، فقال ﷺ: «اللهم اهد أم أبى هريرة»رواه مسلم ودعا لثقيف فقال ﷺ: «اللهم اهد ثقيفا»قالوا يا رسول الله ادع عليهم، فقال: «اللهم اهد ثقيفا، اللهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا» رواه أحمد و الترمزى ولما قيل له ادع على المشركين، قال: «إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة.
وهذا من رحمته ﷺ بالمخالفين يهودا كانوا أو غيرهم، لأنه كان يحب دخول الناس في الإسلام، فلا يعجِّلْ بالدعاء عليهم ما دام يطمع في إجابتهم إلى الحق، ويرجو توبتهم وإذعانهم له. وهذه الصورة يقال فيها ما قيل في الصورة الأولى من صور رحمته، لأن الدعاء وسيلة لمقصد الهداية، والهداية وسيلة لمقصد النجاة من النار والفوز بالجنة، وهذا من رحمته بهم لأنه رحمة للعالمين
٤/وقد كان رسول الله ﷺ يقوم للجنازة حتى تتوارى مهما كان دِين الميت، فقد روى جابر بن عبد الله قال: «مرَّ بنا جنازة، فقام لها النبي ﷺ وقمنا. فقلنا: يا رسول الله إنها جنازة يهودى. قال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا»رواه البخارى
وروي أنه مرَّت به ﷺ جنازة فقام لها واقفًا، فقيل له: «يا رسول الله إنها جنازة يهودي». فقال: «أليست نفسًا» رواه البخارى ومسلم إن هذه الرأفة وهذا العطف لَمِنْ رحمتِه ﷺ بهذا اليهودى الذي فلت منه ومات على يهوديته ولم يهتد ولم ينقذ من النار
أكبر دليل على أنه رحمة للعالمين مؤمنهم وكافرهم إنسهم وجنهم .
٥/كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- مثالًا للرّحمة والتّسامح، فقد وصفته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بقولها: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه، وما انْتَقَمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِنَفْسِهِ إلَّا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ للهِ بهَا)، وصُور السّماحة في هدْيِه كثيرة؛ كرحمته بجميع الخلق، لقوله -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)،الأنبياء ١٠٧
وكذلك حثّه على العطف والرحمة في الكثير من أحاديثه، كقوله -عليه الصلاة والسلام-: (لا يَرْحَمُ اللهُ مَن لا يَرْحَمُ النَّاسَ)، وتجاوزه عمّن عاداه وآذاه يوم فتح مكة، والصّفح عنهم
٦/ بالإضافة إلى دُعائه لمُخالفيه من غير المُسلمين بالهداية؛ كدُعائه لطُفَيْل بن عمرو الدُّوسى بالهداية له ولقومه، ودُعائه لأمُّ أبي هُريرة
٧/ وبلغ من إحسانه بعد فتح خيبر وأخذِ صُحُفِ التوراة منهم، أنْ أعادها وأرجعها إليهم لما طلبها اليهود، ولم يفعل كما فعل غيره بتحريقها أو وضعها تحت قدمه.
هذا وإن كان في الأجل بقية فالحديث موصول مع رحمة سيدنا الرسول بأهل الكتاب النصارى لعل الهداية تصل إلى قلوب الحيارى راجيا من الرحيم الرحمن التوفيق وحسن البيان وشفاعة الحبيب العدنان لى ولكل قارئ ومحب لمن صلى وسلم عليه الرحيم الرحمن.
Post A Comment: