الكاتب الجزائري ميموني علي يكتب مقالًا تحت عنوان "الفن بأنامل شباب الصحراء الجزائرية  7" 


          (إبن مملكة تنهينان)
دفعني هذا المقال للتفكير كثيرا كيف أجعل مقدمته ملهمة؟ وأنا جالس في سيارة أجرة
جالت الفكرة برأسي كثيرا فعدت بالذاكرة لأول صدفة جمعتني بهذا الفنان والمشاعر التي زرعها في قلبي وهو يؤدي فنه حيث جعلني أتمنى أن أصبح مثله.
حينها خطرت بوجداني هذه الجملة الفنان الذي لا يجعلك تتمنى أن تصبح مثله فيما يؤديه فلا يمكن وضعه بخانة الفن.

في أول دخول ثقافي برعاية الوزيرة السابقة الدكتورة مليكة بن دودة  الذي شاركت فيه من البداية حتى الختام 
تعلمت فيه الكثير حتى أن الصدف جمعتني بصديقة طفولة فيه

لكن هذه الصدف مجتمعة لم تكن بقدر أهمية إكتشافي لهذا الفنان حينها في قصر الثقافة كانو يؤدون مسرحية "الحريق" 
نعم تماما هي رواية علي ديب  إن أجمل ما لفت إنتباهي في هذه المسرحية ثلاث أمور عجوز يعزف على العود صوته قرار هادئ رخيم يغني جملة أعتقدها من الرواية المهم أن صاحبها علي ديب 
"أيها الليل الذي تحت التراب أيها الليل الذي لا ينام"
هذه الجملة بصوته منحت تلك المسرحية طاقة روحية رائعة جدا لن تستطيع إلا الإحساس بها ولو لم تملك ذائقة فنية
الحوارات كانت بعدة لغات فرنسية قبائلية عربية فصحى ثم تلك اللغة التي أبدع بها إبن "مملكة تنهينان" التارقية
وبما أنني والحمد لله أجيد اللغة كنت مبهورا جدا بالأسلوب الذي يمثل به هذا الرجل بداية بملامح الوجه وصولاً للغة الجسد وحتى مخارج الحروف لهذه اللغة.

ستصل لمرحلة في الحياة لن تستطيع التعبير عن جمال بعض الأشياء لأنها تفوق كل وصف خاصة حين تسيطر على كل حواسك في تلك اللحظات لم يجل شيء في عقلي غير جملة واحدة أريد أن أصبح ممثل مسرحي مثله.

على غير العادة أنا وهذا الشخص لا نعرف بعضنا أبداً ولكن تأبى صدف الحياة إلا أن تجمعنا هل تذكرون رحلة فسيلة 
حين عدت من برج بوعريريج للعاصمة رفقة عمي رزيق وعمي رياض إلتقيته في مقهى "طونطفيل" المجاور للمسرح الوطني 
بمجرد أن ظهر أمامي مسلماً علينا عرفته مباشرة 
لأن الفنان الذي لا يصنع لنفسه مكان في ذاكرتك من اللقاء الأول ينقصه الكثير ليمنح نفسه ذلك اللقلب.

كان جد مرح وكثير الحركة أي إنسان نشيط رغم أنه لم يجلس معنا بسبب أنه مطر للذهاب من أجل عمل مهم
أعلم أنه لا يعرفني كشخص وهذا أمر عادي جدا وعلى جميع الناس أن تعلم ذلك ليس من المهم أن يعرف الناس شخصك يكفي فقط أن يعرف عملك وهذا هو المهم لأنك أولاً وأخيراً ستموت ولن يعيش بعدك سوى عملك الذي قدمته للناس قإن أحسنت ترحم الناس عليك وذكروك بالخير وإن حدث عكس ذاك أن تعرف عاقبة الأمر.

تسهب في الكلام عن شخص لا تعرفه يا علي لماذا؟

ليس هذا إسهاباً على العكس كل شخص ينال من الغلة ما حصده بإجتهاده و وجب أن ينال هذا الفنان حقه.

فحتى حين تتابع حسابه الشخصي فالفيس بوك ستجده يجاهد من أجل مسرح جهوي لولايته العزيزة على قلبه تلك المملكة التي تلد أبطالا يصنعون المعجزات في أي مجال يبحرون في محيطاته ويتميزون فيه.

إنسان خلوق متواضع مرح دائم الإبتسام أنيق قي لباسه في كل لقاء يجمعك به يحدثك عن قوة الأسمر هذه التي لا يملكها سوى أصحاب اللون المميز فحين يستعمله البعض للعنصرية 
يشغله هو ليصنع معجزات في فنه لا يقدر عليها غيره 
رجل ترفع له القبعة صبح مساء وحين تريد التعرف عليه لن تحتاج للحديث معه يكفيك أن تأتي لتراه على خشبة المسرح حينها فلتحكم إذا إن تركت لك الدهشة ما تعبر به.

لا يخفى على أحد الرابط القوي الذي يجمع الكتابة بالمسرح والكاتب بالمسرحي لا يحتاجان للقاء منمق أو حيل مصنطع ليصبحا صديقين لا يحتاج الأمر سوى لنص ثم سترى البريق بعينيهما.

اليوم أحدثكم عن صديق لا يعلم بالأصل أنه صديقي الفنان الرائع إبن ولاية "تمنغست" 

الذي أتمنى أن تكون كلماتي البسيطة قد أوفته حقه في هذا المقال البسيط كما أني أتمنى من صدف الحياة أن تواصل جمعنا ولكن على شرط أن أصادفه فوق خشبة المسرح يقدم أحد أداءاتها الممتعة والرائعة.

وبهذا نختم مقالنا في إنتظار أن نكتب عن المزيد من مبدعي صحراء الجزائر في المستقبل القريب.

الكاتب الجزائري ميموني علي يكتب مقالًا تحت عنوان "الفن بأنامل شباب الصحراء الجزائرية  7"







Share To: