الكاتب السوداني / عبدالمنعم عبدالرسول الضي يكتب نصًا تحت عنوان "مال ميزان النهار" 


مال ميزان النهار، و إنحدر نجم الشمس إلى مغربه تاركًا للقمر دوره في الوجود، وها هو النهار يخلع عنه ثوبه الفضي؛ ليرتدي بعدها عباءة الليل حالكة السواد.
سماء ملبدة بالغيوم، تفرقع بأصوات الهزيم  يبدو بأنها ستمطر عما قريب فما العمل؟ قطة وحيدة أترنح في مشيتي بخطًا عِسال على غير هدى لقد نال التعب مكانه من جسدي الذي لم يتبقى منه سوى عظام  تكسوها فراء! سئمت هذه الحياة، فلا مأوى يأوني من أسنان هذا البرد القارص، ولا وجبة  تسد رمقي، سئمتُ مكب النفايات هذا، تكسرت قدامي من شدة الضرب على أبواب أولئك البشر الأنانيون، هذه هي حياتنا نحن معشر القطط المشردة نولد على صناديق النفايات جاهلين ما الذي تحمله لنا الأقدار بين طيات أيامها وفي النهاية ينتهي بنا الأمر مسحوقين بين عجلات إحدى السيارات، أو في معدة أحد الكلاب الضالة.
عصافير بطني تزقزق كم أتمنى كأس من الحليب الدافئ، أو قطعة من السمك الطازجة، أو حتى فأر عابر أُسكت به عصافير بطني التي تطاول موعد غدائها.
أنظروا إلى تلك النافذة مائدة حافلة بشتى ضروب الطعام يالها من شهية! كم أتمنى لو كنتُ أحد تلك القطط المحظوظة ربما؛ لكنتُ حصلت على فراش، وطوق ينعاق رقبتي، محفور عليه إسمي، ربما لكانوا أطلقوا عليّ إسم القط سام أو ما شابه ذلك.
ما هذا النور هُناك؟ يبدو بأنها سيارة قادمة سأحاول أن أقطع الطريق قبل أن.... طخخخخ(اصطدام) خرجتْ روحها أخيرًا؛ لترتاح من هذه الحياة البائسة!
عزيزي القاريء، تعتقد بأنها قصة طغت عليها التراجيديا، والمأساة أليس كذلك؟ إليك هذه المأساة، و من الناحية الأخرى للطريق طفل يستلقي على الرصيف يلتحف الأرض، ليس له مأوى، ولا غطاء سواء سماء واسعة ترسل إليه دموعها مدرارا!
كان الطفل يراقب عن كثب ما حصل للقطة، وكان يسأل نفسه إن كان مصيره سيكون المصير ذاته؟ تأمل جثة القطة الملقاة على قارعة الطريق، ثم ألقى بنظره ناحية النافذة، ليرى ذلك الرجل يلاعب قطه المدلل، فقال: الطفل في نفسه أليس عار عليكم أن تأوا القط، و تتركوني!






Share To: