فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "حكم الصيام في رجب " 


🌲أقول باختصار نقلاً عن العلماء  :

لا مانع عند جمهور العلماء من صيام بعضه لا كُلّه وبدون تخصيص لأيام معينة مثل ما يفعل بعض الناس من صيام أول رجب أو السابع والعشرين أو غيرهما .

🌴والصواب :

أن يكون الصيام كما اعتاد المسلم في غيره من الشهور : صيام الاثنين والخميس أو الأيام القمرية إلخ وإن زاد في شهر رجب فلا بأس .

🌴قال ابن تيمية : 

لو صام أكثره فلا بأس .

🌴وقال أيضاً : 

وأَمَّا مَن صامَ الأشهرَ الثلاثةَ فكَان رسولُ اللَّهِ ﷺ لَا يَصومُ شهرًا كامِلا إلا شَهرَ رمضانَ وَكان يَصومُ أَكثرَ شعبان ، ولم يَصِحَّ عنهُ فِي رجبٍ شيءٌ ، وإِذا أَفطرَ الصائمُ بعضَ رجَب وشعبان كانَ حسَناً .
    
الفتاوى الكبرى ج ٥ ص ٣٧٨  

🌲أما الأدلة على مشروعية بل استحباب الصيام في رجب فمنها :

🌴أنه من الأشهر الحُرم التي قال عنها النبي ﷺ :

 " صُم من الحُرم واترك "  .

أو " صُم من الحرم وأفطِر " .

 رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي بسند جيد .

🌴وفي صحيح مسلم عن عُثْمَانَ بْنِ حكِيمٍ قَال : 

سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب فقال سمعت ابن عباس يقول : 

كان رسول الله ﷺ يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم .

🌴قال الإمام النووي : 

الظاهر أن مراد سعيد بن جبير بهذا الاستدلال أنه لا نهى عنه ولا ندب فيه لعينه أي بتخصيص  بل له حكم باقي الشهور ولم يثبت في صوم رجب نهى ولا ندب لعينه ، ولكن أصل الصوم مندوب إليه .

🌴وفي سنن أبي داود :

أن رسول الله ﷺ ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم ورجب أحدُها  .

🌴وفي حديث أسامة بن زيد قال : قلت : يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان ؟

قال : ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم" .

رواه النسائي وأحمد

🌵قال الشوكاني في نيل الأوطار ٤- ٢٩٣ : 

ظاهر قوله في حديث أسامة أن شعبان شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان أنه يُستحَب صوم رجب .

لأن الظاهر أن المراد أنهم يغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم ، كما يعظمون رمضان ورجباً به أي بالصيام .

وقال : وقد ورد ما يدل على مشروعية صومه على العموم والخصوص : 

🌴أما العموم :

فالأحاديث الواردة في الترغيب في صوم الأشهر الحرم وهو منها بالإجماع .

وكذلك الأحاديث الواردة في مشروعية مطلق الصوم .
ثم ذكر أحاديث في فضل صيام رجب ثم قال :

ولا يخفاك أن الخصوصات إذا لم تنتهض أي لم تكن قوية أو كافية للدلالة على استحباب صومه ، انتهضت العمومات ولم يرد ما يدل على الكراهة حتى يكون مخصصاً لها .

وأما حديث ابن ماجه :

 "إن النبي ﷺ نهى عن صيام رجب" .

 ففيه ضعيفان : زيد بن عبد الحميد ، وداود بن عطاء .

🌲ويقول الدكتور عبد الله الفقيه : 

قد اختلف العلماء في صوم شهر رجب فمنهم من استحبه لأمرين :

الأول : 

ما ورد من الترغيب العام في الصيام ، وهذا بابه واسع وأدلته كثيرة جداً .

الثاني : 

ما ورد من الترغيب الخاص في صيام الأشهر الحرم ورجب منها بالاتفاق وكذا ما ورد في فضل صيام رجب بخصوصه .

وإلى استحباب صيامه ذهب الجمهور من العلماء .

وقد شنّع العز بن عبد السلام على مَن نهى الناس عن صيام رجب .

🌵ومن أهل العلم من كره صوم شهر رجب ومنهم : 

الحنابلة واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما .

ونهي عمر الناس عن صيامه ، وقد سبق ذكر ذلك فيما نقلناه عن الإمام الشوكاني .

ولا ينبغي الخلاف في الموضوع بل من قال بقول الجمهور من العلماء لم يثرب عليه أي لا لوم عليه .

ومن قال بقول الحنابلة لم يثرب عليه  .

🌲وأما صيام بعض رجب فمتفق على استحبابه عند أهل المذاهب الأربعة لما سبق وليس بدعة .

ثم إن الراجح من الخلاف المتقدم مذهب الجمهور لا مذهب الحنابلة .

🌲وأما العمرة في رجب :

 فلم يثبت عن النبي ﷺ أنه فعل ذلك ، لكن استحب بعض السلف ذلك ، فكانوا يعتمرون في رجب .

أخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : 

كانت عائشة رضي الله عنها تعتمر في آخر ذي الحجة ، وتعتمر من المدينة في رجب .

وأخرج عن يعلى بن الحارث قال :

سمعنا أبا إسحاق وسُئل عن عمرة رمضان فقال : 

أدركت أصحاب عبد الله لا يعدلون بعمرة رجب المراد يفضلونها ثم يستقبلون الحج .

🌴ولم يثبت لشهر رجب من الخصوصيات غير ما ذكرنا .

وأما ما ابتدعه الناس في هذا الشهر من البدع المنكرة فلا يجوز فعله ولا مجاراة الناس فيه .

والله أعلم






Share To: