فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "مع يوسف عليه السلام في البئر" 


قال تعالى :

قل اللهُ يُنجّيكم منها ومن كلِّ كَرب

جاء في بعض كتب التفسير والسيَر

أن يوسف عليه السلام لمّا ألقاه إخوته فِي البئر ، أخذ يستعطفهم فأتاه جِبرِيلُ فقال : 

يا يوسفُ كُفَّ عَن هذا واشتغل بالدعاء فإن الدعاء عند الله بِمَكانٍ أي منزلة عظيمة .

وقالَ لَهُ : أَلا أُعَلِّمُك كلِمَاتٍ إِذا أَنت قلتَهُن عَجَّلَ اللَّهُ لَك خُروجَكَ مِنْ هذَا الْجُبِّ ؟ 

فقالَ : نعمْ .

 فقالَ : قُلِ : 

" اللَّهُمَّ يا صَانِعَ كُلِّ مَصنوعٍ ، وَيَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ ، ويَا مُؤنِسَ كُلِّ غرِيبٍ ، وَيَا صاحِبَ كُلِّ وحيدٍ ، وَيَا ملْجأَ كُلِّ خَائِفٍ ، ويا كَاشفَ كُلِّ كُربَةٍ ، وَيا عَالِمَ كُلِّ نَجوى ، وَيَا مُنتهَى كُلِّ شَكْوَى ، وَيَا حاضِرَ كُلِّ مَلَأٍ ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، أَسأَلُكَ أَنْ تَقذِفَ رَجَاءَك فِي قَلْبِي ، حَتى لَا يَكون لِي هَمٌّ ولَا شُغلٌ غَيْرَكَ ، وَأَنْ تجعَلَ لِي منْ أمري فرجا ومخرجا ، إنك على كل شيءقَدِيرٌ .

فَقَالَتِ الْملائكَةُ : إِلَهنَا نَسمعُ صَوتًا وَدُعاءً ، الصَّوتُ صَوتُ صبِيٍّ ، وَالدُّعاءُ دُعَاءُ نبِيٍّ  
فَرَدَّدهَا يُوسفُ فِي لَيلَتِهِ مِرارًا فَأَخرَجهُ اللَّهُ في صبيحة يومه ذلك من الجب .

🌲وعَنِ الحَسنِ :

 أنَّه لَمّا أُلْقِيَ فِي البئر عَذُبَ ماؤُها أي صار عذباً وكانَ يُغنِيه عنِ الطعامِ والشَّرابِ .

ونزلَ علَيهِ جِبرِيلُ عَلَيهِ السلامُ يُؤنِسُهُ ، فلَمّا أمسى نهَضَ لِيذهبَ فَقالَ لَهُ : 

إنِّي أستَوحِش إذا ذَهَبتَ .

فَقالَ : إذا رُمْتَ أي أردت شَيئًا فَقلْ : 

يا صَرِيخَ المُستَصْرِخِينَ ويا غَوثَ المُستغِيثِين ويا مُفرِّجَ كَربِ المَكروبِينَ قد تَرى مَكاني وتَعلمُ حالِي ولا يَخفى عَلَيكَ شَيْءٌ مِن أمرِي .

فَلَمّا قالَها يُوسُفُ عَلَيهِ السَّلامُ حفَّتهُ الملائِكة عَلَيهِم السلامُ واستَأْنسَ بِهِمْ .

🌲وكان من دعائه :

يا شاهِدًا غَيرَ غائِبٍ ويا قَرِيباً غَيرَ بعِيدٍ ويا غالِباً غَيرَ مَغلُوبٍ اجعَلْ لِي مِمّا أنا فِيهِ فرجاً ومخرجاً .

🌲وقِيلَ : 

كان يَقُولُ : 

يا إلَهَ إبراهِيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ ارحَم ضعفِي وقلَّةَ حِيلتي وصِغَرَ سِنِّي .

🌲وروي أنه :

« لمّا أُلْقِيَ في الجُبِّ أتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ يا غلام : تُرِيدُ الخروجَ مِن هَهُنا ؟ 

قالَ : ذاكَ إلى إلَهِ يَعقوبَ .

 قالَ : قُلِ : 

"اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ بِاسمِكَ المَكْنونِ المَخزُونِ يا بديعَ السَّمواتِ والأرضِ يا ذا الجَلالِ والإكْرامِ أن تَغفِرَ لِي وترحمَنِي وأن تجعلَ مِن أمرِي فَرَجًا ومَخْرَجًا ، وأنْ ترزقَنِي مِن حَيث أحتسِبُ ومِن حَيث لا أحتَسِبُ "

 فَقالَها فَجعلَ اللَّهُ تَعالى لَهُ مِن أمْرِهِ فَرجًا ومَخرَجًا ورَزَقَهُ مُلْكَ مِصرَ مِن حَيث لا يَحتسِبُ .

ثُمَّ قالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : ألْظُوا أي :

 واظبوا وألحّوا بالدعاء بِهَؤُلاءِ الكَلِماتِ فَإنَّهُنَّ دعاءُ المُصطَفَيْن الأخيارِ » .

🌲قال الألوسي : 

والرِّواياتُ في كَيفِيةِ إلْقائِه وما قالَ وما قِيل لَهُ كثِيرة ، وقَد تَضمَّنتْ ما يَلِين لَهُ الصخْر لَكِنْ لَيسَ فِيها ما لَهُ سَنَدٌ يُعَوَّلُ عَلَيهِ " .

ولكن هي من الرقائق والمواعظ التي يُقبل مثلها .

واللَّهُ تَعالى أعلَم

يراجع تفسير روح المعاني للألوسي 

وتفسير القرطبي  .






Share To: