قال تعالى :
قل اللهُ يُنجّيكم منها ومن كلِّ كَرب
جاء في بعض كتب التفسير والسيَر
أن يوسف عليه السلام لمّا ألقاه إخوته فِي البئر ، أخذ يستعطفهم فأتاه جِبرِيلُ فقال :
يا يوسفُ كُفَّ عَن هذا واشتغل بالدعاء فإن الدعاء عند الله بِمَكانٍ أي منزلة عظيمة .
وقالَ لَهُ : أَلا أُعَلِّمُك كلِمَاتٍ إِذا أَنت قلتَهُن عَجَّلَ اللَّهُ لَك خُروجَكَ مِنْ هذَا الْجُبِّ ؟
فقالَ : نعمْ .
فقالَ : قُلِ :
" اللَّهُمَّ يا صَانِعَ كُلِّ مَصنوعٍ ، وَيَا جَابِرَ كُلِّ كَسِيرٍ ، ويَا مُؤنِسَ كُلِّ غرِيبٍ ، وَيَا صاحِبَ كُلِّ وحيدٍ ، وَيَا ملْجأَ كُلِّ خَائِفٍ ، ويا كَاشفَ كُلِّ كُربَةٍ ، وَيا عَالِمَ كُلِّ نَجوى ، وَيَا مُنتهَى كُلِّ شَكْوَى ، وَيَا حاضِرَ كُلِّ مَلَأٍ ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، أَسأَلُكَ أَنْ تَقذِفَ رَجَاءَك فِي قَلْبِي ، حَتى لَا يَكون لِي هَمٌّ ولَا شُغلٌ غَيْرَكَ ، وَأَنْ تجعَلَ لِي منْ أمري فرجا ومخرجا ، إنك على كل شيءقَدِيرٌ .
فَقَالَتِ الْملائكَةُ : إِلَهنَا نَسمعُ صَوتًا وَدُعاءً ، الصَّوتُ صَوتُ صبِيٍّ ، وَالدُّعاءُ دُعَاءُ نبِيٍّ
فَرَدَّدهَا يُوسفُ فِي لَيلَتِهِ مِرارًا فَأَخرَجهُ اللَّهُ في صبيحة يومه ذلك من الجب .
🌲وعَنِ الحَسنِ :
أنَّه لَمّا أُلْقِيَ فِي البئر عَذُبَ ماؤُها أي صار عذباً وكانَ يُغنِيه عنِ الطعامِ والشَّرابِ .
ونزلَ علَيهِ جِبرِيلُ عَلَيهِ السلامُ يُؤنِسُهُ ، فلَمّا أمسى نهَضَ لِيذهبَ فَقالَ لَهُ :
إنِّي أستَوحِش إذا ذَهَبتَ .
فَقالَ : إذا رُمْتَ أي أردت شَيئًا فَقلْ :
يا صَرِيخَ المُستَصْرِخِينَ ويا غَوثَ المُستغِيثِين ويا مُفرِّجَ كَربِ المَكروبِينَ قد تَرى مَكاني وتَعلمُ حالِي ولا يَخفى عَلَيكَ شَيْءٌ مِن أمرِي .
فَلَمّا قالَها يُوسُفُ عَلَيهِ السَّلامُ حفَّتهُ الملائِكة عَلَيهِم السلامُ واستَأْنسَ بِهِمْ .
🌲وكان من دعائه :
يا شاهِدًا غَيرَ غائِبٍ ويا قَرِيباً غَيرَ بعِيدٍ ويا غالِباً غَيرَ مَغلُوبٍ اجعَلْ لِي مِمّا أنا فِيهِ فرجاً ومخرجاً .
🌲وقِيلَ :
كان يَقُولُ :
يا إلَهَ إبراهِيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ ارحَم ضعفِي وقلَّةَ حِيلتي وصِغَرَ سِنِّي .
🌲وروي أنه :
« لمّا أُلْقِيَ في الجُبِّ أتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقالَ يا غلام : تُرِيدُ الخروجَ مِن هَهُنا ؟
قالَ : ذاكَ إلى إلَهِ يَعقوبَ .
قالَ : قُلِ :
"اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ بِاسمِكَ المَكْنونِ المَخزُونِ يا بديعَ السَّمواتِ والأرضِ يا ذا الجَلالِ والإكْرامِ أن تَغفِرَ لِي وترحمَنِي وأن تجعلَ مِن أمرِي فَرَجًا ومَخْرَجًا ، وأنْ ترزقَنِي مِن حَيث أحتسِبُ ومِن حَيث لا أحتَسِبُ "
فَقالَها فَجعلَ اللَّهُ تَعالى لَهُ مِن أمْرِهِ فَرجًا ومَخرَجًا ورَزَقَهُ مُلْكَ مِصرَ مِن حَيث لا يَحتسِبُ .
ثُمَّ قالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : ألْظُوا أي :
واظبوا وألحّوا بالدعاء بِهَؤُلاءِ الكَلِماتِ فَإنَّهُنَّ دعاءُ المُصطَفَيْن الأخيارِ » .
🌲قال الألوسي :
والرِّواياتُ في كَيفِيةِ إلْقائِه وما قالَ وما قِيل لَهُ كثِيرة ، وقَد تَضمَّنتْ ما يَلِين لَهُ الصخْر لَكِنْ لَيسَ فِيها ما لَهُ سَنَدٌ يُعَوَّلُ عَلَيهِ " .
ولكن هي من الرقائق والمواعظ التي يُقبل مثلها .
واللَّهُ تَعالى أعلَم
يراجع تفسير روح المعاني للألوسي
وتفسير القرطبي .
Post A Comment: