فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "أعمال يسيرة أدخلت أصحابها الجنة"
إن الجنة هي المكان الذي يقصده المؤمنون ويسعى لدخوله المسلمون حتى يتلذذوا برضوان الله تعالى ويأنسوا برحمة الله العظيم .
قال الله تعالى :
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ . فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ . كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ . مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}
[الطور:17-20]
فالجنة هي وعد الله عز وجل للمتقين وفيها ينعمون بأجمل العطايا والمنح من الله الكريم وهي الراحة الأبدية لكل من تفضل الله تعالى عليه وأذن له بدخولها .
فلا موت ولا سقم ولا شيب ولا كدر يعكر صفو النفوس ، بل سعادة صافية لا بأس فيها ولا خوف .
وقد أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الجنة فبشرنا بما فيها من نعيم .
فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
«ينادي مناد إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا فذلك قوله عز وجل :
{وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}
الأعراف
رواه مسلم
ولقد ورد في السنة النبوية أعمال يسيرة أدخلت أصحابها الجنة بفضل من الله الكريم .
ويجب علينا أن نتدبر هذه الأعمال وما بها من موعظة وحكمة .
وهذه بعض الأعمال وهى :
🌲تمرة أدخلت صاحبتها الجنة :
عن صعصعة بن معاوية عم الأحنف قال :
"دخَلت على أم المؤمنين عائشَةَ رضي الله تعالى عنها امرأةٌ معَها ابنتانِ لَها ، فأعطَتها ثلاثَ تمراتٍ ، فأعطَت كلَّ واحدةٍ منهما تمرةً ، ثمَّ صَدعتِ الباقيةَ بينَهُما .
قالت : فأتى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فحدَّثتُهُ فقالَ :
«ما عجبُكِ ، لقد دخلَت بِهِ الجنَّةَ» .
رواه ابن ماجه
تمرة واحدة أدخلتها الجنة ، إنه فضل الله الكريم ، ومن أراد أن يغتنم هذا الفضل فليتصدق قدر استطاعته ، فالله سبحانه وتعالى يحب المتصدقين ويضاعف لهم الأجور ويرزقهم البركة في الدنيا والقبر والآخرة .
لابد للمسلم أن يجعل الصدقة مشروعا يوميا فعلينا السعي الشديد للصدقة وهي من أيسر السبل لتجنب جهنم وحرها .
فعن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه قال:
قال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ :
«اتَّقوا النَّارَ ولو بشقِّ تمرةٍ ، فمن لم يجِدْ فبكلمةٍ طيِّبةٍ»
أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم
🌲سقي الماء أدخل بغيا الجنة :
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«بينما كلبٌ يُطِيفُ برَكيَّةٍ ، كاد يقتُلُه العطشُ ، إذ رأَتْه بغيٌّ من بغايا بني إسرائيلَ ، فنزَعَت مُوقَها ، فسَقَتْه فغُفِر لها به» .
أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم .
هذه القصة من أجمل القصص التي سردها النبي صلى الله عليه وسلم فيها معاني بديعة ، وأجمل ما في هذا الحديث الشريف هو الإخبار عن أسماء الله الحسنى ، فالله تعالى هو العليم فعلم حال هذه المرأة وحكم عليها وفق علمه العظيم وهو الله الحكيم يقدر الأمر وفق حكمته وتدبيره الذي لا يدركه الخلق .
وهو الله الغفور كثير المغفرة فغفر لها على ما كان من ذنب وهو الله الكريم المحسن فأكرمها وأحسن إليها رغم ما كانت عليه من عمل .
ومهما كنا على ذنوب وخطايا فعلينا السعي للتوبة وفعل الخير ومزاحمة أهل الصلاح.
🌲إماطة الأذى عن الطريق أدخلت الجنة :
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«لقد رأيتُ رجلًا يتقلَّبُ في الجنَّةِ ، في شَجرةٍ قطعَها من ظَهْرِ الطَّريقِ ، كانت تؤذي النَّاسَ» .
رواه مسلم
إنها إماطة الأذى عن الطريق وهي عبادة عظيمة تنجى المؤمن من الويلات يوم القيامة .
🌲رغيف أدخل صاحبه الجنة :
من القصص المؤثرة والمحفزة على فعل المعروف ما رواه عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله تعالى عنه حيث قال :
"إن راهبًا عبد اللهَ في صومعتِه ستين سنة فجاءت امرأةٌ فنزلت إلى جنبِه فنزل إليها فواقعها ستَ ليالٍ ، ثم سقط في يدِه ، فهرب فأتى مسجدًا ، فأوى فيه ثلاثًا لا يَطعمُ فيه شيئًا فأتي برغيفٍ فكسره فأعطى رجلًا عن يمينِه نصفه ، وأعطى آخرَ عن يسارِه نصفَه فبعث اللهُ إليه ملكُ الموتِ فقبض روحَه .
فوضعتْ الستون في كفةٍ ووضعت الستُ في كفةٍ ، فرجحت يعني الستَ ثم وضع الرغيفَ فرجح يعني رجح [ الرغيفَ ] الستَ ".
صححه الألباني في صحيح الترغيب .
إنه رغيف واحد ولكنه أدخل صاحبه الجنة فلنبحث عن المحتاجين قدر الاستطاعة ، وليكن إطعام الطعام وسيلة للقرب من الله تعالى.
ولهذا :
من أعظم الدروس المستفادة في هذه الأعمال المسارعة والمثابرة على فعل الخير .
أيضاً :
عدم التقليل أو التحقير من أي فعل أو قول يقرب العبد من الجنة .
فعن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«لا تحقرَنَّ من المعروفِ شيئًا ، ولو أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلِقٍ» .
رواه مسلم
فرب عمل يسير يكون سببا بفضل الله الكريم في دخول الجنة وبذل المعروف منهج حياتي لكل مسلم .
فعلينا اغتنام الفرص لمساعدة الناس والتيسير عليهم ولنقم بمواساتهم ودعمهم ، ولنشارك الغير في عمل الخير .
علينا بفعل الخير ولو كان يسيرا فقد يكون سببا في النجاة ووسيلة للحياة .
Post A Comment: