الكاتبة المغربية / نجاة زين الدين تكتب : الحب أصل الإنسانية و ليس مناسبة تجارية
الحب شعور دائم، يزودنا بالطمأنينة و يمدنا بتلك الطاقة الإيجابية لتفعيل دورنا في الحياة... هو ديناميكية الوجودية الإنسانية التي تتحرك بها دواليب الساعة الزمكانية... الحب هو كل أيام الحياة و ليس برامج تجارية كما أراد لها أعداء الإنسانية...
الحب: أن تحب الخير للجميع، الحب هو أن تفعل دورك في الحياة بكل تفاني و إخلاص، الحب يا سادة: عطاء دون إنتظار للمقابل، نبل و سمو بالأخلاق، هو نقيض الرياء و الزيف و النفاق، هو صدق في العطاء، هو الأمانة في جوهرها، و المصداقية في لبها... هو الإحساس بالصفاء، هو أن تحب أمك و أبوك، أخوك و أختك، زوجتك، أبناءك.. جارك، حيك، محيطك و وطنك، و أن تحرص على نظافة بيتك و زقاقك و مؤسستك التعليمية، و كل البلاد لأنها منك و انت جزء من كلها الشامل...
الحب هو شعور يومي وجب العيش به و منه، على مدار كل أيام السنة...و كل ثواني محركات الساعة، لأننا بدون حب نحن موتى و مجرد أجسام جوفاء و لاشيء...
الحب هو أن يعتصر قلبك لدمعة يتيم حزين، أو مشرد ضائع، أو فقير تائه، أو طريد حرب مهجر قصرا من دياره...
الحب هو أن ينزف قلبك دما كلما عاينت بؤس المنسيين و المقصيين في بلاد يغرد مسؤوليها خارج الصرب...و يكتنزون الأموال و لا يبالون ببؤس شعوبهم...
الحب هو أن تزرع الإبتسامة في قلب المحتاج، المنكسر القلب، و كسيح الذات...الحب أن تتألم لألم الغير و أن تشاطره أحزانه و آلامه...و أن تبادر بتقديم الدعم دون طلب...
الحب أن لا تتبع المودا و السني و حياة البذخ و الإسراف دون أن تفكر فيمن لم يجد ما يكسو به جسمه...
الحب ليس أنانية أو شوفينية أو سادية أو عنصرية، بل هو تقاسم للفرح في أدق تفاصيله الجزئية و المجهرية...
الحب هو أنا و أنت في عالم بدون حروب و لا ظلم و لا إستعمار و لا تنكيل و لا استغلال و لا وصولية...و لا محسوبية...
الحب إحترام و إعتراف و تقدير، هو تقديس للمسؤولية بضمير العقلانية، إنه شعور نبيل، إنه إحساس بكيمياء غريبة، تناهض كل أشكال الإستبداد و الحط من كرامة الإنسان و ترفض توليفه بتنميقات البهتنة و التحقير...
الحب بناء و قوة و لم يكن قط وسيلة للإبتزاز، و الإستغلال و الهيمنة على أطرافه كيفما كان جنسها و لونها و انتماؤها و معتقدها...
الحب هو دعم للمرأة،و تشجيع لها على الخلق، و الإبتكار و الإبداع، و لم يكن أبدا آلية لتحطيم عطائها، و تبخيص قيمتها و التعامل معها على أنها كائن من الدرجة الثانية، كائن قليل الفائدة، و إن كانت هي في الأساس أصل الوجود و عمود الإنتاج و التدبير داخل و خارج البيت، و رمز الإستمرارية الأسرية و كل البنيات الإجتماعية...
الحب هو ان تجعل من زوجتك، رفيقة دربك بكل صدق و إحترام لا عدو أو جارية أو خادمة بيت لديك...
الحب أن لا تسمح لنفسك بوضعها في حيز المقارنة بكل نساء الكون لأنه وجب اختزالهن باختلافهن فيها لا العكس...
الحب هو ان تجعل من زوجتك ملكة بيتها، و أن تعتمد مبدأ المشاركة معها بكل و في كل شيء...هو أن تذكرها بقيمتها في حياتك كل أيام السنة، لا انتظار يوم الرابع عشر من شهر فبراير لتتذكرها، و العكس صحيح للحفاظ على ود و مودة العلاقة، لكي لا تموت و يسودها الفتور، و تتحول العلاقة في قالبها العام إلى تعايش نمطي، مفروض بالإكراه، لا مؤسسة مبنية على الحب ككيروزين يومي يستمد حضوره من التعبير اليومي المتحضر و الصريح بذلك...
الحب هو ان تتمنى أن يحيا العالم بأكمله بسلام و أن يندحر تجار الحروب، و مسترزقي البؤس، و عملاء السياسة الإمبريالية...
الحب هو أن نتعايش بكل إختلافاتنا، و أن لا نجعل منها بؤر خلافات مرضية و حالات نشاز مستعصية...
الحب: أن لا تفتقد الأمن و الأمان في بيتك و حيك و كل بلادك، و أن لا يعكر عليك تهديد الغير حياتك بدوافع موضوعية أو ذاتية...
الحب، فرح و سرور و إنتشاء بكل الدقائق في عالم متساو و عادل أمام القاعدة القانونية، دون تحيز أو تمييز أو محسوبية...
الحب، إلتزام و انضباط مع الآخر و الذات في جو من القيم و المباديء الأخلاقية...و السلوكات الحضرية...
الحب بعيد كل البعد عن مشاعر الحقارة و الغل و الحسد و الضغينة البغيضة...
الحب لم يكن قط طوطالية أو حماقة تركيبية أو نزعة للتملكية...أو هاجس للسيطرة و الصراعات الأبدية...
الحب هو ببساطة: الإنسانية الحقة بكل مكوناتها الراقية...
Post A Comment: