حديث الجمعة | القدوة الحسنة 42 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف
تابع موضوع بعض خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم
أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن بعض ما اختص الله تعالى به عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وما ذكرته لك غيضٌ من فيض وقليل من كثير مما اختص الله به حبيبه ومصطفاه من رحمته صلى الله عليه وسلم بالعجماوات ووعدتك بوصل الحديث عن رحمة الحبيب الشريف ومنَّة الخبير اللطيف بكل قوى وضعيف .
مثل رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان والتنكيل به وقطع جزء منه وهو حى ونهيه عن المُثْلة بالحيوان، وهي قطع قطعة من أطرافه وهو حى، ولعَن من فعل ذلك ..
فعن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن من مَثَّل بالحيوان رواه البخارى
وعن جابر - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه حمار قد وُسِمَ(كوى) في وجهه، فقال : لعن الله الذى وسمه رواه مسلم .
ومن صور رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحيوان ـ ، فقد بين لنا أن الإحسان إلى البهيمة من موجبات المغفرة ..
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال : ( بينما رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا، فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى(التراب) من العطش، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذى كان بلغ منى ، فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له .. قالوا : يا رسول الله، وإن لنا فى البهائم لأجرا ؟، فقال : في كل ذات كبد رطبة أجر "
رواه البخارى .
وأعجب من ذلك ما رواه أبو هريرة - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( بينما كلب يطيف بركية (بئر)، قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها(خُفَّها)، فاستقت له به، فسقته إياه، فغفر لها به " البخارى
وفى المقابل أوضح لنا النبى - صلى الله عليه وسلم - أن الإساءة إلى البهائم ربما أودت بالعبد إلى النار، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( دخلت امرأة النار في هِرَّة(قطة)، ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا "رواه مسلم .
وأمر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمعاملة الحيوان بالرفق، فقد استصعب جمل على أصحابه، فأعاده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حاله الأولى بالرفق واللين ..
فعن أنس بن مالك - رضى الله عنه – قال : ( كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون(يسقون عليه)، وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره،وإن الأنصار جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إنه كان لنا جمل نسنى عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل فقال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : قوموا، فقاموا ، فدخل الحائط (البستان)، والجمل في ناحيته، فمشى النبى - صلى الله عليه وسلم ـ نحوه ، فقالت الأنصار : يا رسول الله، قد صار مثل الكلب، نخاف عليك صولته، قال : ليس عليَّ منه بأس، فلما نظر الجمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله فى العمل، فقال له أصحابه : يا رسول الله هذا بهيمة لا يعقل يسجد لك، ونحن نعقل ، فنحن أحق أن نسجد لك؟ قال : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها رواه أحمد .
ودخل النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ بستاناً لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمسح عليه حتى سكن، فقال : ( لمن هذا الجمل؟، فجاء فتى من الأنصار فقال : لى يا رسول الله ، فقال له: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا لى أنك تجيعه .وتُدْئبُهُ (تتعبه) رواه أبوداود
ومن صور رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أمر بالإحسان إلى البهيمة حال ذبحها ، وأثنى على من فعل ذلك، بل ونهى أن تحد آلة الذبح أمامها ..
فعن شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته رواه مسلم .
هذا وإن كان في الأجل بقية فالحديث موصول مع خصائص سيدنا الرسول وإن كانت الأخرى فالغفوعند الله مرجو ومأمول.
حديث الجمعة | القدوة الحسنة 42 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف
Post A Comment: