الشاعر المغربي / عبد الرحيم أبطي يكتب قصيدة تحت عنوان "صَرْعَى"



 

شَدَّهُمْ لِلْبَحْرِ ، في لَيْلِهِ ، دَوَّارٌ

كَكُلِّ المُسَرْنَمِينَ 

هُمُ الآن في قَبْضَةِ المَاءِ ، 

زَادُهُمْ حَنِينُ الْمِلْحِ ،

                     وَ الضَّبابِ ،

                              وَ الْأُغْنِيَّاتِ ..

يَرْحَلُونَ تِباعاً في النِّسْيانِ 

يَتَساقَطونَ  ..

مِنْهُمُ تَتَكَوَّرُ الكُبَّةُ :

في أوْجَاعِهِمْ ،

في مَجْرى الدُّموعِ الدَّافِقاتِ  ،

في شُرودِ الأوْقاتِ ،

تَنسَلُّ مِنْها الخُيُوطُ ،

من مغازلهِنَّ 

تَهامُسُ العَناكِبِ السُّودِ كَالأَنِينِ

عَصْفُ المَرَارَةِ بِأَلْسُنِ الحِكَايَاتِ ..

هُنَّ الأَرَامِلُ الباكياتُ

في عِهْنِهِنَّ المَنْفوشِ رَاعِشَاتٍ

في أَصْقاعِهِنَّ المَقْرُورَةِ

يَهْذينَ بِكُلِّ مَنْ رَحَلُوا خِفَافاً

يَنْزِفْنَ ..

بِالأَسْمَاءِ كُلِّها و الصِّفَاتِ .

ثَمَّة رَمْلٌ ..

تَهْرقُهُ يَدُ الخَرائِطُ في رَحى الأيَّامِ ،

و غُبارُ المَسَافَاتِ يَحْجُبُ مِنْهُنَّ كُلَّ رُؤْيَا ،

و مَوَاوِيلُ طَيَّ الضُّلُوعِ المُسْتكِينَةِ ..

 بِقَدْرِ حُطامِ السَّفِينِ ،

بِضَيْقِ هَذي الأَرْضِ ،

و عُنْفِ السَّمَواتِ الخَفيضَةِ ،

 يَرْحَلونَ مِلْءَ الكَفِّ تِبَاعاً :

في رَجْعِ السِّرِينِيَّات المَهْجُورَاتِ ،

في رَمادِ الحِكايَاتِ ،

في عَمَى الرَّاوي ..

في صَمْتِهِم الأَخيرِ .. ! 

لا نَجْمةَ في أُفْقِهَا الدَّامِي ،

لا رَجَّةَ مِجْدافٍ ،

لا شِرَاعَ ..

لَا .. و لَا ..

ضَبَابٌ .. 

عَمًى تَنُوءُ بِهِ عَيْنُ الرَّاوِي ..

و الزَّبْدُ تَنَاهبَتْهُ الأَمْداءُ ،

تَنَاثَرَتْهُ ..

من خَلْفِهَا المُوَيْجَاتُ الرَّاحِلاتُ فِي مِلْحِهَا 

كَالجُرْحِ في لَيْلِ الحِكَايَاتِ .

وَحْدَكَ ..

وَحْدَهُمْ ..

يَرْحَلُونَ فِي صَمْتهِمُ الأَخِيرِ ..! .



الشاعر المغربي / عبد الرحيم أبطي يكتب قصيدة تحت عنوان "صَرْعَى" 



Share To: