الأديب المصري / سمير لوبه يكتب قصة قصيرة تحت عنوان " بين قوسين "
‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘
يضعُ المفتاحَ في ثقبِ البابِ يدخلُ بهدوءٍ ثُمَّ يغلقُه وراءَه بلا مبالاةٍ ، يجلسُ بصمتٍ على المقعدِ القريبِ ، يلقي بثقلِ متاعبِه ، يخلعُ غباءَ التفاصيلِ اليومِيةِ ، يتنهدُ بعمقٍ فيخرجُ الهواءُ الراكدُ داخلَ كهوفِ صدرِه يحرقُ صورَ الحياةِ المفقودةِ المعلقةِ على الحائطِ الحزينِ ، بعقلٍ شاردٍ يتفقدُ المكانَ ، بوجهٍ باهتٍ مثلَ كلِ الأشياءِ المبعثرةِ في كلِ مكانٍ تقبعُ روحُه في ﺧﻴﻤﺔِ الصمتِ ، تضجُّ الجدرانُ بضجيجِ ﺃﻓﻜﺎﺭِه ﺗﺤﺪﻕُ فيه وهو يكابدُ ليروي ظمأه بأمنياتٍ قدْ وضع عليها المزيدَ منَ السكَّرِ ليجدَ حلاوةَ العيشِ ، يسألُ الشمسَ الابتسامةَ أو رغيفَ الخبزِ حبيسَ الشقِ الضيقِ ، وحدَه في الحياةِ أمامَ الأمطارِ يرتعدُ ؛ فليس للنملِ خياشيمُ ، يعيشُ في شقِ الحائطِ يتجولُ في عالمِه المحدودِ تفزعُه الرياحً ؛ فليس للنملِ أجنحةٌ ، عالمُه كلُّه في هذا الشقِ الضيقِ ، يحاولُ جاهدًا أن يقيمَ رمقَه بذلك الفتاتِ من الخبزِ ، وحدَه ينصتُ لكلماتِه الخرساءِ ، يغلقُ على نفسِه درقتَه ، تزحفُ عيناه إلى ساعةِ الحائطِ ترقبُ مع دقاتِها زمناً مزيفاً ، يبحثُ عن زمنٍ حقيقي في دقاتِ قلبِه ونبضِ إحساسِه ، يتكومُ تحتَ الأغطيةِ يضاجعُ أماني تصيرُ دخانًا إلى خارجِ الشقِ الضيقِ ، يبتلعُها كونٌ فسيحٌ يخشاه ، ينتهي يومُه على فتاتِ خبزٍ ..
( يثورُ .. يثرثرُ .. يتأقلمُ ) .
الأديب المصري / سمير لوبه يكتب قصة قصيرة تحت عنوان " بين قوسين "
Post A Comment: