الكاتب الجزائري / ملوك عبدالحق يكتب مقالًا تحت عنوان  "الرحلة أجمل من الوصول"




من منا لا يسعى إلى النجاح ، تلك الكلمة الساحرة الجذابة، والتي لا تُقترن في خارطتنا الذهنية الا بمشاعر إيجابية كالفرح والسرور ... ولكن !!!

عندما تزداد الحاجة لدى الإنسان لأي شيء ، يظهر تجار يبحثون على رزقهم في توفير هذا الاحتياج ، وهذا امر أساسي في اي تجارة ، لكن يقع الإشكال عندما يدّعي التاجر ان بضاعته هي الحل الوحيد لاشباع احتياج الزبون ، خصوصاً عندما يكون الاحتياج نفسي وروحاني! 

التحدي الحقيقي هنا أن "النجاح" كلمة فضفاضة تتسع إلى الكثير من التعريفات المادية ، لكن للأسف في حقيقة النجاح عادة ما تكتشف بعد فوات الأوان ، لذلك إسأل عجوزاً ثمانيني واسأل شاباً يبدأ حياته عن النجاح ، لترى الفرق الرهيب والفجوة بين التعريفين..

 فكلما زادت الحكمة تحوّل النجاح من الكسب والمظاهر إلى الستر والمشاعر ، ليكتشف الإنسان انه كان يملك كل مقومات السعادة ، لكنه انشغل عنها في البحث عما توهم انه السعادة ، سواء كان بوَعي جمعي مشوّه عن قيمة الإنسان التي تقاس بالمادة.. أو بقِلّة وعي جعلت تجّار السعادة يقدمون له السعادة المعلبة المعرّفة مسبقا ( كما يفعل الكثيرون من تجار الأمل و التنمية البشرية ) .

أظن أن هناك فرق كبير بين التحفيز المبني على الواقعية في فهم ماهية الحياة ، وبين التسويق لحياة ساحرة جذابة تنتظر الإنسان إذا ما اعتقد ان في داخله أسد قوي ، وأن جهده يجب أن يركّز على إخراج هذا الأسد المحبُوس في داخله ليلتهِم الحياة ويحصل على كل ما ُيشبِع رغباته المادية ، وسؤالي هنا؛ من قال ان الأرنب و الحمل والعصفور لا يمكن أن يكونوا سعداء؟؟

ماهية الحياة القصيرة مبنية على الفقد والكسب، وكلاهما مؤقتيْن ، وهما وجهين لعملة واحدة ، فأحيانا يكون قمة ما كسبت في حياتك كان يختبئ خلف ما فقدته، أو العكس!!

فكم من فرصة ضاعت منا في الحياة وظننا انها فُقد قاسي لنكتشف بعد حين انها كانت أفضل ما كسبنا، كمن تأخر عن رحلة فاقلعت دونه ليكتشف لاحقا أن هذه الرحلة واجهت مصيرا مأساويا، ليكون هو الناجي الوحيد !! 


ابحث عن نجاحك و سعادتك لكن، بعد أن تضع تعريفًا واضحًا لهما وإلّا فإن عدم الرضا سيكون الشيء الوحيد الذي نجت في إنجازه في حياتك ... 

تعلم وارتقي بفكرك وابتعد عن تقديس أو تكفير ما تسمعه ، ولا تنصت لمن يدعي المعرفة ، فالعلماء اكثر الناس إدراكاً لجهلهم... لذا كانت صحبتهم تقرب من الله ، ومن تواضع لله رفعه ، وتذكر أن سعادتك في ما تملك وليس فيما تفتقد ، فكن راضيا بما تملك حتى تسير نحو امتلاك ما تحتاجه وأنت سعيد وراض ، فالرحلة أجمل من الوصول...!!



الكاتب الجزائري / ملوك عبدالحق يكتب مقالًا تحت عنوان  "الرحلة أجمل من الوصول"



Share To: