الأديب علال الجعدوني يكتب :ورقة أدبية حول ديوان سعاد بازي المرابط ( مكعبات كذب )
✓ أرضية الافتتاح :
لكل شاعر أو شاعرة تجربة شعرية خاصة به (ها) ، فماهي التجربة الشعرية ؟
تعتبر التجربة الشعرية الخبرة النفسية أثناء وقوع الشاعر تحت سيطرة مؤثر ما يستهويه ، ليتفاعل مع الوضع بوجدانه وفكره ، حتى ينفجر داخله ينبوع الإبداع ، ليصوغه في قالب شعري .
وتعتبر التجربة الشعرية رؤية ومعايشة انفعال صادق ، ولها عدة أنواع منها :
١- ذاتية ، ٢-عامة ، ٣-ذاتية تحولت إلى عامة
✓ الذاتية هي ما تعبر عن ذات الشاعر وتصوراته وأحاسيسه ومشاعره ،
ود✓العامية هي التي تتجاوز الذات لتعبر عن آفاق عامة .
✓ الذاتية المتحولة إلى عامة : هي وقت انفعال الشاعر بموضوع معين ،قد يؤدي انفعاله إلى تحويل التجربة لتناول مشاكل الغير .
وتهتم التجربة الشعرية بموضوعات متعددة غير محددة ، فهي تشمل كل ما في الحياه .
و للتجرية الشعرية عناصر هي : ١- وجدانية ( القلب) ٢- فكرية (عقل ) ٣- صورة تعبيرية تشمل الألفاظ والعبارات والتراكيب و الصور والموسيقى .
وشعراء ما بعد الحداثة كلهم يكتبون كتاباتهم على نمط هذا الطرح ومن بين هؤلاء الشاعرة ( سعاد بازي المرابط ) .
فمن هي سعاد بازي المرابط ؟
شاعرة من مواليد مدينة تطوان .
أستاذة اللغة العربية بعد تخرجها من مركز تكوين المعلمين والمعلمات بطنجة .
تقلدت مهام جمعوية ،كاتبة عامة بجمعيتين .
نائبة رئيس جمعية الألفية الثالثة .
شاركت في عدة مهرجانات وطنية ودولية .
لها إصدارات منها :
١- تأشيرة باب الحياة .
٢- ثلاثة أرباع قلب .
٣- حب على ربابة فقدان .
٤- مكعبات كذب .
✓ ورقة تحليلية حول ديوان :
( مكعبات كذب ):
✓ دلالة الغلاف :
كما هو متعارف عليه فصورة الغلاف الخارجية غالبا ما تساعد القارىء على قراءة مضمون نصوص الديوان . و حسب ما أرى فصورة الغلاف مركبة من صورة امرأة وراء أبزن حوض لغسل الوجه واليدين وألوان يغلب عليها طابع اللون الرمادي .
فإلى ماذا يرمز اللون الرمادي ؟
اللون الرمادي هو تفاوت بين السواد والبياض ، بمعنى للحصول عليه نمزج اللونين الأبيض والأسود . واللون الرمادي لا يعتبر لونا بحد ذاته ، كما يعتبر من الألوان الحيادية التي تتناسب مع جميع الألوان . وللون الرمادي عدة أشكال منها :
١- اللون الرمادي الفاتح .
٢- اللون الرمادي المعدني .
٣- اللون الرمادي الداكن .
ودلالة اللون الرمادي عند علماءالنفس دلالة عميقة ، إذ يترك في النفس شعور عدم الرغبة في التميز أو حب الظهور . ومحبي هذا اللون غالبا ما يميلون إلى العزلة . كما تشير دراسات أخرى إلى أن اللون الرمادي هو دلالة الحزن والاكتئاب ، التردد ، الوحدة ، الانطوائية ، ويدل على عدم الوضوح ، بينما عند الهندوس يحمل هذا اللون نوعا من القدسية والأهمية وهو من الألوان التي تشير إلى القيمة .
يمتاز عشاق اللون الرمادي :
✓بالتوازن النفسي والعقلي .
✓بالنشاط والحيوية والهدوء والمرح .
✓حياديين في تصرفاتهم ومشاعرهم .
✓ من الأشخاص العمليين والذين تملك القوة والشغف
✓واقعيين بدرجة شديدة .
✓متمردين في اتخاذ القرارات المهمة .
✓يعانون في بعض الأحيان من الحزن والكآبة والعزلة والكثير من الغموض .
✓يمتازون بأن لهم القدرة على اختيار الوقت المناسب في الحديث مع غيرهم عما بداخلهم .
✓ دلالة العنوان : ( مكعبات كذب )
العنوان مفتاح الديوان ، ووظيفته بمثابة الرأس من الجسد . ولهذا يجب فك شفرته بأسلوب منطقي لتتوضح مضامين النصوص بدقة .
العنوان مركب من كلمتين : مكعبات / كذب ، فما مدلول كل كلمة ؟
مفرد مكعبات : مكعب .
والمكعب : الموشي من البرود والأثواب . وفي المساحة الجسم الذي يحيط به ستة مربعات متساوية ، وفي الحساب العدد الحاصل من ضربه بمربعه .
وشي جمع وشاء .
وشي الثوب : نقشه بالألوان ،نمنمته .
وشي السيف : جوهره
وشي الثوب ونحوه : زخرفه ،حسنه بالألوان ..
وشي في الكلام :كذب فيه
وشي الكدب : ألفه ولونه وزينه ، وشي عندك الواشي بي فهجرتني ...وحملتني في الحب ما لم أكن أقوى .
والكذب يكون بنزيف الحقائق جزئيا أو كلياً أو خلق روايات وأحداث جديدة ، بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين . وقد يكون ماديا ونفسياً واجتماعيا وهو عكس الصدق .
أما رمزية المرأة تعكس معنى الحياة والطبيعة والأرض والخصوبة والجمال والمحبة ...
✓ مضمون ديوان : (مكعبات كذب ):
إنطلاقا مما تقدم من توضيحات أعلاه ، يمكن للمتعمق في نصوص الديوان أن يكتشف ما صدحت به خبايا ذات الشاعرة ، لقد حاولت الشاعرة سعاد بازي المرابط جعل من القصيدة الشعرية صورة ناطقة ومرآة تعكس كوامن النفس بطريقة تشويقية خلاقة ، امتطت الترميز والانزياح بحنكة لكونها صاحبة تجربة رائدة في تشكيل بناء القصيدة العربية المتمرد والتي تحمل تأويلا ودلالة ترتطم بتخوم التجليات مغرقة المتلقي في متعة تصويرية تؤجج المشاعر يتوهج يسبر الأعماق وغالباً قصائدها شحنت بترميز مبحرة في حنايا الخيال تعري قضايا ، تجسد رؤى بألوان المكابدة . وتوظيفها الأسلوب الرمزي الذي يستخدم التعبير عن أفكار ومشاعر ورؤى و هواجس كردة فعل على المدرستين الانطباعية والواقعية جعلتها تبتعد عن الوضوح والمباشر في الكتابة تاركة المتلقي يعيش في بحر التأويل ....
فتقريبا نصوصها الشعرية غير ثابتة الشكل ، فغالباً ما توازي بين الواقعية والرمزية ،كأنها تؤسس لرؤية خاصة بها ، لكونها متأثرة بالثقافة الغربية سائرة على التوجه الرمز الأسطوري والذي أرادت منه كرافد أساسي للقصيدة .
فالعملية الإبداعية عند سعاد بازي المرابط " تنطلق من الرؤية الحسية للأشياء لتنتهي الرؤيا " وهذه تجربة ليست سهلة بل على الشاعرة الغوص أكثر في عمق التجربة التي ارتوت من منابعها منذ البداية .
وما يثير الإنتباه أن الشاعرة تتملك ناصية اللغة مما يؤكد أن كتاباتها لا تجف عطاء ، وولوجها عالم الكتابة جعلها تبدع نصوصا لافتة ، مكسرة تلك الصورة التي كانت مقتصرة على الرجل بوحده .
ويمكن الاستعانة بما كتبه ( الدكتور سعيد يفلح العمراني)
الأديب علال الجعدوني يكتب :ورقة أدبية حول ديوان سعاد بازي المرابط ( مكعبات كذب )
Post A Comment: