الكاتبة السودانية / ساجده ابوبكر تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "قلبٌ يئن من ألم الفراق"
أجلسُ في منتصفِ السرير في غرفتي الخاوية، لأسرحَ بنظري على ما سرى في الايامِ الخالية، حيثُ تكاثفتِ الهموم وتغيرت ملامحي في أيامٍ قليلة، تظهر على وجهي بوادرُ الحزنِ العميق، أمكُثُ بها لبضعةِ أيامٍ للهروب من الواقع المُعاش، أخذتُ أجُوْبَ بعينيّ في الذكريات حيثُ الأيام الضائعة في غمارِ الآلام، ويجتر الحزن الذي سكن في قلبي منذ رحيلها، بل منذ رحيلي من جانبها، منذ أن فارقتُ عينيها وهي تُلَوِحَ لي بيديها وتدمع مُقلتيها وترسمُ إبتسامةً خفيفة على شفتيها الورديتان.
أُخفي وجهي لأبكي لكن العبارات لن تُطفئ نار فراقها، أتفحص صُوَرِها بين يديَّ لأغرقَ في عينيها التي لطالما نادت إلي لإنقاذها من دوامةِ الأحزان، أتفحص تفاصيل ثَغرِها البَسّام رُغم الحزن، أتذكر صوتها المبحوح وتمتمات شفاهها، أُغنيتها التي كانت تغنيها وأنا أخطو أُولى خطواتي نحو الفراق، لم أدرك أن النتيجة ستكون إبتعادها للأبد.
تتسارع نبضات قلبي مرتجفةً عند مشاهدةِ ذلك الحادث المُرَوّع، أركض بكل قواي نحو الشوارع المزدحمة، لا أدري إلى أين أقصد ركضي ولماذا ألهث بشدة ويخفق قلبي بالضيق وكأنما غُرِسَت سكينٌ ما بداخله، تتعالى أصواتُ الصُراخ ويزدادُ تزاحم السكان حول موقع الحادث، وفجأة بدأت أجدُ صعوبةً في تحريكِ أَرجُلي كلما اقتربت أخذت اخطو ببطءٍ واضع يديَّ علي صدري الذي بات ينزفُ ألماً، أنظر في فزعٍ وتتسارع دقات قلبي في إنفعال، بعد برهة، تعرفت عليها، حُمتُ بنظري حولها في ريبةٍ، أرى الدماء في كلِ مكان، أشعر بثقل في رأسي، أعجز عن تحريك أوصالي، يصل إلى مسمعي صوت البشر وهم يهتفون(لا إله إلا الله، إنا لله وإنا إليه راجعون) لم ينجو أحد، ذهب الجميع في غفلةٍ تاركين ذكريات مُوجِعة، يزدادُ حُزني وأدخل في حالةِ اللاوعي، حين إعلامي بأنها كانت في طريقها إلى زيارتي وإحضار هدايا عيد مولدي الذي لم تكن فيه برفقتي.
ذَهَبَت صديقتي التي لطالما كانت برفقتي، كانت مثل ظلّي، ذهبت ضحكتي حاملةً معها ما تحمله لي من سعادةٍ في إبريقٍ من ذهب، كنتُ مصدرَ ألمٍ لها عندما ابتعدت ألآف الأميال بعد ما كُنا جسدين ملتصقين بقلبّ واحد، كان رحيلي وَخْذَات على قلبِها ولكن رحيلها أودى بقلبي .
الكاتبة السودانية / ساجده ابوبكر تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "قلبٌ يئن من ألم الفراق"
Post A Comment: