الكاتبة السودانية / عفاف الأمين تكتب نصًا تحت عنوان "مني إليك" 




نشأت على حب القراءة، ومنذ أن إعتنقت مذهب عينيك حُرمت عليّ الكتب، أجيد بعثرة الحروف وترتيبها وها هو صوتك يثأر للحرف مني فيبعثر النبض، تجيد تحويلي لطفلة وإشعاري بأنوثتي  وتبرع في إعادة ضحكاتي المفقودة والدفاع عن أحلامي المغتصبة وإحياء إبتسامتي الموئودة، كأنك الغيث تحيي أرضها العجفاء، تنبت فيها الأمل وتبعث فيها ضوء سرمديا لا ينطفئ، زعزعت يقيني بأننا لا أضيء بأحد ولا أحد يستطيع إطفائي لقد أضأت بك عوالمي، دواخلي وأحلامي المعتمة أيضاً.


ماذا لو التقينا  تاركين ورأئنا المسافات خيانتك ماذا لو توّجتك بغفراني وتناسيت كل الماضي، أنا مريضة بك حد اللعنة، مريضة بك ولا أريد الشفاء منك ليتك حفظتني كما أحفظ تفاصيلك، إلى متى أظل في دوامة الاعتناق والانعتاق تلك أما كفاك عبثاً بي؟


ماذا لو أخبرتك بأنني في الحرب دوماً ما أخسر، أنت حربي وأنا في كلتا الحالتين خاسرة، أخشى أن انتصر عليك فأهزم أمام كبريائك المنهزم، وأخشى أكثر من أن تهزمني ككل مرة أنا فيك خاسرة لا محالة.


كل رواياتي لم تكن لها النهاية السعيدة تلك، أعشق السوداوية في كتاباتي، تراجيدية حد اللعنة في ملامح فني، شعراً كان أم نثراً، ولكن ما ظننت يوماً أن هذه ستكون النهاية، ليتك تعلم حجم الحب الذي أنظره في مقلتيك، أهذا ما نحن عليه صدقاً؟ ترى أنسيتني؟ أما عدت تذكر شكل المدائن في مقلتي؟ أماتت أحلامنا؟ أصدقاً تم إجهاض طفل الأمنيات؟ ليتك تعلم، كم يقودني الحنين إلى عتبات دارك كل يوم، كم أتهاوى في جرف الذكريات كل ليلة.


أفعلا ما عدت تذكر نبرة صوتي، ألا يخيفك أن أرحل عن هذه الحياة بغتة، لا أظن أن الحزن سيقيم بقلبي مجدداً، ليتك تعلم كم إشتقت إليك، كم مرة أتاني طيفك زائراً فأحتضنته، كم مرة شعرت بالحوجة إلى عطفك الأبويّ ذاك، لم أعلم أكان من الخطأ أن أبني لك بمخيلتي داراً؟ أم كان من الخطأ أن أسكن تفاصيلك، لم أكن أجيد رسم الخطط الطويلة، ولا أملك نظرة بعيدة المدى، كل ما أملكه هو الكثير من الحنين الذي أتمنى أن أغدقه عليك، وحدك، ليت هنا بجانبي الآن.


ملامح علاقتنا كانت رمادية جدا، بسواد قسوتك وبياض حبي، خيانتك ووفائي، بساديتك ومازوشيتي، وبالرغم من ذلك كنت أفضل رماديتها على النهاية.

مرت الأيام، توالت الليالي، أنت بين سجائرك ونسائك، وأنا بين رسائلك القديمة وذكرياتك، كل شئ متعلق بك، كل ضمير يؤول إليك إلا الدمع فهو دمعي، والضعف ضعفي، والحزن قدري.



الكاتبة السودانية / عفاف الأمين تكتب نصًا تحت عنوان "مني إليك" 



Share To: