فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "قالت إحداهما يا أبت استأجره"
من أخطر الأشياء على دين الشخص عمله في جو مختلط مع زملاء أو زميلات في العمل .
وإن عملا كهذا يتطلب مزيدا من الرقابة الإيمانية ، ودوام المحاسبة للنفس والاحتشام في المعاملة والنأي قدر الإمكان عن مجالسة الصنف الآخر ، والتحرز والتوقي من الشبهات .
تأمل معي قصة نبي الله موسى عليه مع الفتاتين :
قال تعالى :
{ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهما امرأتين تذودان}.
لم تخالط تلك الفتاتين الرجال بل كانتا لوحدهما تحبسان غنمهما تنتظران انتهاء الرجال من عملهم .
ثم تأمل مجيء موسى عليه السلام لهما يسألهما مستغربا من حالتهما :
{ قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير}.
استغرب موسى عليه السلام من وجود المرأتين .
فالأصل أن يخرج بدلا عنهما الرجال ، فأخبرتاه أنهما لا يمكن أن يسقيان حتى ينتهي الرجال فلن يخالطوهم أو يزاحموهم ثم ذكرتا عذرا لذهابهما وحدهما فقالتا :
{ وأبونا شيخ كبير}
فلو كان قادرا لذهب عنهما .
ثم تدبر قوله تعالى :
{فسقى لهما ثم تولى إلى الظل قال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}
يدل ذلك أن المرأة مخدومة ؛ حيث يخدمها الرجل للقيام بمزاولة أعباء العمل الشاق .
وذلك أن موسى حين سقى لهما لم يجالسهما لم يبق معهما ؛ بل أنهى الخدمة وسريعا سريعا تولى إلى الظل وتنحى عنهما وتقرب إلى ربه بالدعاء والمناجاة وأظهر افتقاره إلى الله .
ثم أنعم النظر في قوله تعالى :
{فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}
لم تأتيا جميعا بل اكتفي بواحدة ، وتحدثت معه على استحياء وليس بكامل زينتها وضحكتها وابتسامتها ؛ كما هو واقع الوظائف المختلطة اليوم وأظهرتا وجود ولي لهما يقوم عليهما فليس ذهابها من تلقاء نفسها .
ثم تنبه إلى قوله تعالى :
{قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين}
فحين رأت إحداهما حال موسى عليه السلام وتقواه وديانته ؛ أشارت على والدها باستئجاره لأنه الشخص المناسب ليقوم بالنيابة عنهما بتحمل أعباء ذلك العمل وغيره مما لا يتناسب مع طبيعة عمل المرأة .
فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "قالت إحداهما يا أبت استأجره"
Post A Comment: