الناثر المصري / سمير لوبه يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "بروميثيوس صامدًا" 




صبيةٌ بينَ عاملاتِ الترحيلةِ في خضرةِ الحقولِ تداعبُ شمسُ النهارِ جبينَها الوردي .. تضحكُ لها ، تبللُ زخاتُ المطرِ حريرَ شعرِها .. تلهو تحتَها ، مثل قريناتِها بميثاقٍ عُرفِيٍ لجارِها يربطُهما الأهلُ ، تدورُ بهما رحى العيشِ ، يسوقُهما الركضُ لحجرةٍ ضيقةٍ في المدينةِ الواسعةِ ، مهرةٌ في مقتبلِ الشبابِ ونضرتِه مصفدةٌ في صخرةِ الواقعِ العاتيةِ تنهشُها مخالبُ الحرمانِ ؛ يومَ غضبت عليها الأيامُ وأخبروها مصرعَ زوجِها في غِمارِ العيشِ ، جوعى في خرائبِ الليالي الباردةِ ؛ ظمأى غابت عنها شمسُ النهارِ ، ضاعت منها حتى زخاتِ المطرِ ، يعتصرُ قلبَها صوتُ صغيريها الواهنُ

- ماما نفسي في حاجة حلوة 

بدموعِها تجيبُ : 

- حاضر يا نور عينيا 

بكاءُ صغيريها حاضرٌ بقوةٍ يطاردُ مسامعَها يمزقُ أحشاءَها وعليها الاختيارُ ..  إلى المضمارِ تسعى وحدَها 

اختارت المسارَ طوعًا دونَ ترددٍ ، في كلِ يومِ ترتدي الجلبابَ الأسودَ و بجرأةٍ رافعةً رأسَها قائمةً ظهرَها و بصوتٍ نَسوي صارخٍ  يصفعُ صمتَ الجدرانِ 

- أمسح السلالم 

لحِضنِ صغارِها تسعى حاملةً الخبزَ وما يشتهون ..

تداعبُ الشمسُ عرقَ جبينَها ، يبللُ جلبابَها الماءُ الكَدرُ وسامًا يزينُ صمودَها .



الناثر المصري / سمير لوبه يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "بروميثيوس صامدًا" 


Share To: