مريم فاضل تكتب  "دور المرأة المغربية في التاريخ"




المرأة هي صانعة العالم ، هي الأخت و الأم الحنونة و الصديقة و السيدة صاحبة الرسالة التي تم توارثها جيلا بعد جيل،  هي الجدة التي زرعت التضحيات لتكون عنوانا من عناوين الوجود التاريخي و الحضاري لأجيال تناقلتها عبر العصور،

حيث كانت المرأة في الجاهلية تعد من سقط المتاع لا يقام لها وزن حتى بلغ من شدة بغضهم لها آنذاك أن يحرموها من حقها في الحياة فيقتلوها بطريقة بشعة همجية غابت فيها الرحمة و الإنسانية و ذلك بدفنها حية في التراب . كان سبب كراهيتهم للإناث هو الخوف عليهن من السبي و العار فيقتلونهن حمية أو غيرة. قال الله تعالى: ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُون ﴾ [النحل: 57 - 59 

و أخبر الله سبحانه أنه سينصف المرأة ممن ظلمها ، حيث قال تعالى:{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [ التكوير: 8 -9] .

 نعم لقد بزغ نور الإسلام ليكرم المرأة ويخلصها من الظلم والمعاناة و من الذل و الإهانة، إذ عظم منزلتها و مكانتها و جعلها مرفوعة الرأس تتمتع بشخصية محترمة و حقوق مقررة،  فضلا عن جعلها متساوية مع الرجل في الكثير من الحقوق و الواجبات الدينية. كما أن رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أوصى بها وصية خاصة حين قال في حجة الوداع : " واتقوا الله في النساء، فإنهن عندكن عوان "  ، وكذا قوله  :" لا يكرمهن إلا كريم،  ولا يضر بهن إلا لئيم".


إن السواد الأعظم من  الدراسات عن المرأة المسلمة ركزت على إبراز  دورها في المشرق الإسلامي أكثر من مثيلتها في المغرب الإسلامي،  حيث اشتهرت عدة نساء مغربيات بلعب أدوار قيادية في مختلف المجالات،  وسجلت منذ عصور حضورا متميزا، وحققت إنجازات هامة وثقها التاريخ بمداد من ذهب ، و من أبرزهن:  


"زينب النفزاوية " ، إحدى أشهر النساء الأمازيغيات بالمغرب خلال حكم الدولة المرابطية،  إمرأة عظيمة أعدت رجالا عظماء، كانت لها دمغة في التغيير، و هي التي كانت تسحر الناس في زمانها بذكاءها  و حسن جمالها .

 كذلك كانت مشاركتهن  في الأعمال السياسية و الأدبية في العصر الموحدي، حيث ساهمت المرأة المغربية في النشاط الفكري علميا و أدبيا ، إذ نجد أسماء لامعة في سماء العلم و المعرفة كصاحبة أعظم وقف علمي "فاطمة الفهرية أم البنين" حفيدة عقبة بن نافع التي أسست جامع القرويين ، أول معهد ديني و أكبر كلية عربية في بلاد المغرب الأقصى ،كما عرف المغرب نساء مناضلات، احترفن الجهاد و المقاومة و أظهرن بصمودهن و شجاعتهن و تضحياتهن بأنهن لا يقلن نضالا عن الرجال في مواجهة الاستعمار الغاشم و التصدي لكل أشكال القمع الذي عرفته البلاد. نذكر منهن "فاطمة الزهراء بنت مولاي الحسن البلغيتي " التي سقطت شهيدة في مظاهرة المشور بمراكش  يوم 15 غشت 1953 ، التي نشبت ضد قرار السلطات الاستعمارية بإبعاد و نفي الملك الراحل محمد الخامس و عائلته إلى مدغشقر .


عديدة هي النماذج المتميزة لإسهامات المرأة المغربية  في مجالات الإبداع و الإبتكار و التكنلوجيا و البحث العلمي ، و تضم قائمة النساء الرائدات في المغرب العديد من الأسماء اللواتي خلد التاريخ إنجازاتهن مثل :

"تورية الشاوي" أول امرأة طيارة مغربية و عربية جسدت المساواة بين الجنسين، وأثبتت قدراتها على قيادة طائرة في الخمسينات و ماتت شهيدة مع الذكرى الأولى لاستقلال المغرب. 

"أمينة الصنهاجي" أول عالمة فضاء عربية مسلمة تلتحق بوكالة الناسا الفضائية في الستينات. 

"حسناء الشناوي" أول امرأة عربية تنضم إلى الهيئة العالمية لتنمية النيازك .

 "فاطمة عبوق" أول امرأة تقتحم عالم رجال المطافئ في العالم العربي .

 العداءة المغربية "نوال المتوكل" التي تحصلت على ميدالية ذهبية في أولمبياد (لوس أنجلوس) سنة 1984 في سباق 400 متر حواجز لتصبح أول امرأة عربية و أفريقية تتحصل على ميدالية ذهبية.


دون أن نغض الطرف عن المرأة القروية المغربية التي تعلب اليوم دورا مهما في التنمية المحلية و المجتمع، فرغم كل المشاكل و الصعوبات التي تعاني منها إلا أنها رسخت ذاتها في مجموعة من المجالات ، هي السند لأسرتها لكونها تعتبر قوة مهمة في الأسرة من خلال مساهمتها في المدخول المادي جراء بعض الأنشطة الفلاحية و غير الفلاحية التي تمارسها،  فهي التي تحمل عبء جلب المياه من الآبار و استخدامها في جميع مهماتها اليومية، كما تقوم بجلب الحطب لإضرام النار و الطهي و التدفئة ، بالإضافة إلى رعي الماشية  ومساعدة الرجل في عملية الحرث و الغرس و جني الثمار و جمع الأعشاب الطبية المتوفرة ، الأمر الذي  يجعلها تساهم بفعالية  في الحفاظ على الهوية الثقافية وتمساك الأسرة المغربية في وجه العولمة المتوحشة  .

في اليوم الثامن من مارس نبارك للمرأة المغربية عيدها و ندعو لها بالمزيد من العطاء و التقدم و التميز سيرا على منوال زينب النفزاوية و فاطمة الفهرية ... لرفعة المجتمع و تطوره. دمتن متألقات ودام عطاؤكن تاجا على الرأس .

مغربية و أفتخر .

 مريم فاضل

المراجع المعتمدة:

أحمد بن خالد الناصيري الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى

الغزالي محمد المرأة في الإسلام

حميدي مليكة المرأة المغربية في عهد المرابطين

مجلة أمل العدد 13_14 سنة 1998


مريم فاضل تكتب "دور المرأة المغربية في التاريخ"



Share To: