الشاعرة المغربية الأندلسية / نادية بوشلوش عمران تكتب نصًا تحت عنوان "وحدي أنا  من تعرف" 




لا أحدا يعرف ...حينما أمر بقربه و هو بحضرة النساء 

أنني أثير جنونه...أدهشه...يحترق ألف مرة و يعود بين حبه و ذكرياته و بين عشقه و بين أجمل ما رأى ليحترق للمرة الألفا...

يهترق كأس نبيذه بين يديه ، في ليلة صيفية على شاطئ بحر قمري في حانة ليلة حيث تهتز الموسيقى الشرقية و تهتز معها الأجساد رقصا...

تتصارع النسوة الجميلات لمسح  بمنديل ورقي  ما تساقط من نبيذ أحمر  على قميصه الرمادي الباهض الثمن...

لا يعرفن ماذا يحدث له...هو في حالة هيجان .ثوران .. ،يكاد  الموت من أن  ببلغ تفاحته....يحاول أن يتنفس بعمق...يدخل الهواء إلى رأئتيه...

يطمئنهن...

يتظاهر بعدم الإكثرات ، يقول بإبتسامة تكاد تخفي جنونه ،بأن هذا شيأ عادي جدا ،يحاول الحديث معهم ،لكن عيناه تبحث عني وسط الجموع...يكاد يخترقني كالصاعقة و كالبرق ،أحس ذلك ....ظغط كثير يصل إلى قلبي ...لا أحتمل ذلك.. لكنني أتوازن...أقف بجموح المهرة العربية ،  و بشموخ و بكبرياء إمرأة الجبال...

يتوه ،يبحث عني ...يدرس مني أيتها حركة ،في المشي ،في النظرات ،في الإبتسامة ،في الكلام ...حتى في كأسي...

يسألونه...ما بك....يفتح ربطة عنقه...يردد بأن الجو حار نوعا ما...

يحاول أن يخفي النار التي تأكله  تلهبه ...تحرقه ....يخفي قوله بألا   شيء...

لا أحدا يعرف ماذا به....لكن...

أنا فقط أعرف ،ما يجول في دهنه ،

أنا فقط ...أعرف ذلك ، أمر بجانبه متمخترة ،رافعة راسي إلى الإمام ...واثقة الخطى أمشي ..

يستدير...إلي حينما يسمع كعبي العالي لحذائي في قلبه

يتسارع نبضه ....يحمر وجهه ، يندى جبينه و الجو لطيف

حاستي السادسة  ، ترصده في رداراتي...إنها حاسة إمرأة متميزة ..نبعة..

أقترب من الحانة ،و في يدي وردة حمراء ،أريد الغواية...أريد أن تقتلع جذوره ليطير طيرا في السماء بدون أجنحة...

شفاهي كرز أحمر ،و فستاني أسود بسيط لكنه مميز

شعري منسدل ليلي  على كتفاي يلمع على ضوء القمر ،نسيم ليلي رائع من البحر 

يشتم عطري فيستدير باحثا عني بين أصدقائه

أتمالك نفسي ،حتى لا يظهر علي شيأ بأنني مهتمة به

أرمقه من بعيد ،و هو ببدلة رمادية داكنة ،مع ربطة عنق حمراء و قميص رمادي فاتح ،حذائه أسود غير لامع و في ساعده ساعة جميلة  , أكيد عطره يصلني ، لكنني أحاول المماوهة .... 

أنا إمرأة فاتنة ،أريد غوايته حقا... لكنني  ،أنا قوية  على إخفاء مشاعري ،أنا صارمة ،أنا جنية الروايات في قلب إمرأة إنسانة من طين و ماء ، أنا جميلة الجميلات ، المذهلة المدهشة الفاتنة الفتية الرقيقة الراقية الصادقة في إحساسي ،لكنني ثقيلة بثقل جبل  ،لن أحرك شفاهي من أجل أن أقول له ٱنني أحبه بالرغم من أنني ذائبة في هواه و أنني ذاك الجليد الذي ينصهر في الحب...

نعم....أنا إحبه...أعشقه بجميع اللغات العربية و الفارسية و الأجنبية  ، بكل الكتب السماوية أحلف على حبه ،أنا مؤمنة به ،و صلاتي و قيامي في حبه ، أنا ٱمرأة تعشق المغامرات في حبه ،إمرأة من قمر فضي ،و إمرأة من شمس صريحة تسع في قلبه ...أهواه بكل أبجديات العالم... منذ عهد التاريخ و قبل مجيئي إلى الحياة ،أنا طينة منه و منها إنشطرت حتى تلاقينا .. فولة كما يقولون و إنقسمت نصفين...هو مني و أنا منه خلقت من ضلوعه ،لو كان يتذكر النشأة الأولى ..لكنني متعجرفة متكبرة ،أنفي فوق نفسي ،هكذا بالرغم من هذه الحفلة الجميلة ،بالرغم من كثرة المعجبين  من حولي و المعجبات من حوله  ،إلا أنني أهواه هو بالذات ،هو ذاك الرجل الشرقي الفاره  في الطول الأسمر في سحنته القوي ،المفتول العظلات المتألق أينما حل ،لكنني أنا من أسقط أنفه ،أنا من أزلزل سكونه. بركانه يكاد يسمع و يرى ،  و يكاد  يشرق منه حبي فيصبح الصبح فيه..أنا من أجعله يرتعش،  و يهتز عرش ثقله لهبا... يتصبب عرقا و هو بحضرة أجمل النساء... لن ألعب دور البجعة السوداء في البحيرة و لا الأميرة النائمة ...أنا حية و في قلبها السم و الترياق...

ذئبة...لبوؤة غاب ، ثعلبة و أم القشعم ...أؤكد أنني أنثى الشيطان ،و أريد غوايته ،معاكسته سرا ، أريد فرض مفاتني و حسن قلبي عليه ، كلا لنبدن في جحيم الحب و في نعيمه أبد الآبدين

الجحيم حب و النعيم حب و بينهما أمور متشابهان ،العذاب و الجزاء ،اللوعة و الشهقة ،الآلم و الشفاعة و العفو...هو الحب في نظري هكذا ،و أنا إمرأة الغواية و الفتنة و الحب...هو ملكي و أنا له ...عنيدة أنا ...أليس كذلك ...نعم ...أنا جمس حواء العنيدة....لو أتيح لي أن أقاتل جميع النساء باظافري من أجله لفعلت. لكنني متكتمة ،أراقب ما يفعل....


في الحفلة ....

لا أحدا يعرف ما به...لكنني الوحيدة من تعرف ذلك. قلبي يدلني و حاستي السادسة تأشر لذلك...خابت كل ساعاته الرملية في أن يقف جامدا بدون أن تتفجر مشاعره إتجاهي...و كان الحرب العالمية الثالثة قد ٱبتدأت لكنها حرب حب و سلام ...قنبلة موقوتة ...إنشطارية نووية  ،ذرية تكاد لتتفجر فيعترف بحبه أمام كل العالم...

وا ويلتاه لو إعترف ...متى سيتم ذلك.؟؟و متى هي المفاجأة...عيار من النوع  الثقيل منفرد بنوعه... قنبلة موقوتة...قنبلة الموسم و حديث الساعة سيكون....

و أما بحديث حبي فحدثهم عني.....

يا لروعة لو حدث ذلك....!!!

أ مر بكأسي  بقربه ...

يحاول غض النظر عني ،لكن تسوقه عيناه متسارعة...إلي ... بالرغم عنه ،تدور مائة و ثمانين درجة باحثا عني يرمقني بجنون ،أعرف أنه عاشقي  ،يكاد شريانه يتذفق إحساسا و ينبت فيه الورد . أظنه سيصاب بجلطة قلبية ....أو دماغية....سيسكت قلبه و ساعيده للحياة بقبلة مني...سيصبح الأمير النائم...أو الأمير الذي سقط في الغيبوبة بأمر الحب...

حينما يسكر ، يغني ،و كلهن معجبات بغنائه ،يحسبن أنه يغني لتلك الفاتنات اللواتي بقريه ،لكن وا عجبا ....إنه يغني لي وحدي أنا...

ملكت قلبه....سيطرت على عقله...روحه لي نفسه لي حبه لي وحدي أنااا و من غيري فازت به...ملكت الدنيا و بما فيها ....


أنا عريفة به ، يسرق الجيتار من يدي العازف ،يمرر أنامله عليها و يغني لفاتنة  ،يتمنى أن يلاقيها لو في الخيال ، بالرغم من أنني بقربه ،لكنه يرسم روايات عني و كأنني أميرة من وحي الخيال ...يغازل الجيتار ، يقترب من الفتيات و يوشوش في آذنهن بشيء ، فتهمس له و تغمز له ٱحداهن...يبتسم ،لكنه بلمحة بصر يدور يبحث عني ،حينما كنت أتكلم مع أحدهم مجاملة ، تلمع عيناه شرارة من الغيرة ،يكاد يقتلع من أمامي و يحملني بين دراعيه إلى لقاء الغمام...

النار تحرقه بالغيرة ....و أنا سيدة النار ،و في يدي شجرتها و في قلبي بنزينها .. أشعله متى  شئت ،و أطفأه متى شئت ،بيدي قدره ...ٱمرأة شريرة ستقولون ..قولوا ما شئتم يا نسوة ...لا أبالي ...أبدا بقولكن..

لا تعرفن بأن هذه هي لغة العشق ،ولاعة عشق ، فواهة بركان ،زلزال ،رعد برق ،هذا هو الحب الذي أعرفه...


لا...هي فقط لغة العشق المجنونة التي لا يعرفها أحدا...غيري

قلبي شعلة حب تضيء له حياته ، روحي سراج وهاج في صبحه ،  و جسدي قمر يتمنى أن أكون حبيبته...يتمنى بأن يكون لنا فقط موكب لكائنات و بحر لكائنات و شمس و قمر لكلينا ...ملكوت على حد القول...


هو يعرف أنني أختلف عن باقي النساء....هو يقول بأن حبيبته متميزة جدا و فاتنة ساحرة بجمالها الطبيعي ،هي كالبحر مزاجية ، متغطرسة  مملحة ،أمواجها عالية ، لونها يسر الناظرين ، هي إن قامت قامت لها الدنيا بالعبادة والطاعة و بالحب ،عيون الكل معجبة بها لكنها هي الوحيدة التي تعشقه و هو يعشقها ،مغرم لحد الصبابة....يتجمهر أصدقائه بجانبه ، فيحاورهم عني ،يشعل سيجارته ،و يرتشف دخانه ، يقول و يقول و يقول....يعرف بأنني أسمعه ،لكنني أتجاهله ...

أثير جنونه ،و يصعب على نفسي ذلك ،فأنا ٱمرأة من لهب ،بين يداي تشتعل كرات النار ، تلعب بها بين أناملها كحجر الطاولة ....  كذلك أرضي غروري كامرأة مغرمة ...برائحته يحترق حبا...أنثى من نار الشيطان ،أريد حقا غوايته ،أريده أن يتساقط حبا...


أسمع حديثه ، يقول بأن نهداي كرمانتين ،لؤلؤتين لا يظهر منهما شيأ ،و فستاني ياكل جسدي و يزداد لهبا ، يقول بأن محبوبته شفاهها زمرد أحمر و حجر كريم باهض في الجمال...يتغزل في مشيتي ،يقول بأنني أشبه الغزالة و بأنني أشبه مريم و بأنني أحيانا أمشي على إستحياء  ،و بأنني نبية و رسول حب و أدويسة من الآلهة الجميلة منذ عهد روما و أتينا و بيزنطة....

فيلسوف هو في حبه ...عاشق لحد الثمالة في...ما أحلى هذا الشعور ...بأن يحبني رجل شرقي بهذا الحب و بهذا العشق ...

يقول و يزيد قولا ...أتوه في أقوله ...أرتخي في بحره...أطفو على كلماته الجميلة ...أستحم في أبجدياته و أجري حافية القدمين في مياه أمطاره....

حبيبي شاعر مجنون مهووس ثمل بالقوافي و بالغزل...


أمر مروحتي الإسبانية على شفاهي لأخفي إبتسامتي...

يزيد حديثا عني قائلا بأن إبتسامتي سحر يسكر منها كل الشرقيين.


بقربه...أسمع حديثه..و أبتستم في خبث ، فكرات النار بين يدي تقذفه عشقا ، و شهيق و لفيح النار يصله لجوفه ،يمرق ضلوعه .و وحدي أنا  أعرف من هي حبيبته ..من هي ملهمته .

أعرف بأنها نفسي العاشقة الصامتة له ،أحركه كما تحرك الجبال ،و أمطره عشقا كما تمطر السحب بالمياه فتخضر الدنيا و تزهر عشقا .تطير الفراشات في فرح ،و تغني الذئاب في عرس بين المطر و  القمر 

أنا وحدي أعرف ماذا يصيبه حينما يراني...يهتز عرش قلبه عشقا

وحدي أنا  حبيبته.

وحدي أنا من تعرف....



الشاعرة المغربية الأندلسية / نادية بوشلوش عمران تكتب نصًا تحت عنوان "وحدي أنا من تعرف" 





Share To: