فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "أقوال العلماء فى الحسد والنهي عنه "
عن أنس بن مالك رضي الله عنه :
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا .
#قال ابن بطال:
وفيه : النهي عن الحسد على النعم .
وقد نهى الله عباده المؤمنين عن أن يتمنوا ما فضل الله به بعضهم على بعض وأمرهم أن يسألوه من فضله .
#وقال الباجي :
أن تنافس أخاك في الشيء حتى تحسده عليه ، فيجر ذلك إلى الطعن والعداوة فذلك الحسد .
#قال القاري :
قال :
إياكم والحسد .
أي : في مال أو جاه دنيوي فإنَّه مذموم بخلاف الغبطة في الأمر الأخروي .
#فإن الحسد أي باعتبار ما ينتج في حقِّ المحسود من ارتكاب السيئات يأكل الحسنات أي يفني ويذهب طاعات الحاسد .
كما تأكل النار الحطب .
لأنَّ الحسد يفضي بصاحبه إلى اغتياب المحسود ونحوه فيذهب حسناته في عرض ذلك المحسود فيزيد المحسود نعمة على نعمة والحاسد حسرة على حسرة فهو كما قال تعالى :
خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ
[الحج:11]
#وقال المناوي :
فإنَّ الحسد يأكل الحسنات أي : يذهبها ويحرقها ويمحو أثرها كما تأكل النار الحطب أي : اليابس ؛ لأنه يفضي بصاحبه إلى اغتياب المحسود وشتمه وقد يتلف ماله أو يسعى في سفك دمه وكل ذلك مظالم يقتصُّ منها في الآخرة ويذهب في عوض ذلك حسنات
#وقال العظيم آبادي :
إياكم والحسد أي : احذروا الحسد في مال أو جاه دنيوي فإنَّه مذموم بخلاف الغبطة في الأمر الأخروي .
فإن الحسد يأكل الحسنات أي : يفني ويذهب طاعات الحاسد .
#وعن قيس قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها .
#قال النووي :
قال العلماء الحسد قسمان : حقيقي ومجازي .
فالحقيقي :
تمني زوال النعمة عن صاحبها وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة .
وأما المجازي :
فهو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها ، فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة ، وإن كانت طاعة فهي مستحبة .
والمراد بالحديث لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين وما في معناهما قوله صلى الله عليه وسلم :
آناء الليل والنهار أي ساعاته .
قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما :
كلُّ الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها .
#وقال ابن سيرين :
ما حسدت أحدًا على شيء من أمر الدنيا ؛ لأنَّه إن كان من أهل الجنة ، فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في الجنة ؟
وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار ؟
#وقال الحسن البصري :
ما رأيت ظالـمًا أشبه بمظلوم من حاسد ، نفس دائم وحزن لازم وغمٌّ لا ينفد .
#وقال أبو حاتم :
الواجب على العاقل مجانبة الحسد على الأحوال كلِّها ، فإنَّ أهون خصال الحسد هو ترك الرضا بالقضاء ، وإرادة ضد ما حكم الله جل وعلا لعباده ، ثم انطواء الضمير على إرادة زوال النعم عن المسلم .
والحاسد لا تهدأ روحه ، ولا يستريح بدنه إلا عند رؤية زوال النعمة عن أخيه ، وهيهات أن يساعد القضاء ما للحساد في الأحشاء .
#وقال كذلك :
الحسد من أخلاق اللئام ، وتركه من أفعال الكرام ، ولكلِّ حريق مطفئ ، ونار الحسد لا تطفأ .
#وقال أبو الليث السمرقندي :
يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود :
🌴أولاها : غمٌّ لا ينقطع
🌴الثانية : مصيبة لا يُؤجر عليها .
🌴الثالثة : مذمَّة لا يُحمد عليها .
🌴الرابعة : سخط الرب .
🌴الخامسة : يغلق عنه باب التوفيق .
#وقال الجاحظ :
ومتى رأيت حاسدًا يصوب إليك رأيًا إن كنت مصيبًا ، أو يرشدك إلى صواب إن كنت مخطئًا أو أفصح لك بالخير في غيبته عنك ، أو قصر من غيبته لك ؟
فهو الكلب الكَلِب ، والنمر النَّمِر ، والسمُّ القَشِب ، والفحل القَطِم ، والسيل العَرِم ؛ إن ملك قتل وسبى ، وإن مُلِك عصى وبغى .
حياتك موته ، وموتك عرسه وسروره .
يصدِّق عليك كلَّ شاهد زور ، ويكذِّب فيك كلَّ عدل مرضي .
لا يحب من الناس إلا من يبغضك ، ولا يبغض إلا من يحبك .
عدوك بطانة وصديقك علانية .
أحسن ما تكون عنده حالًا أقل ما تكون مالًا ، وأكثر ما تكون عيالًا ، وأعظم ما تكون ضلالًا .
وأفرح ما يكون بك أقرب ما تكون بالمصيبة عهدًا ، وأبعد ما تكون من الناس حمدًا .
فإذا كان الأمر على هذا فمجاورة الموتى ، ومخالطة الزَّمنى ، والاجتنان بالجدران ، ومصر المصران ، وأكل القردان ، أهون من معاشرته والاتصال بحبله .
#وقال الجرجاني :
كم من فضيلة لو لم تستترها المحاسد لم تبرح في الصدور كامنة ، ومنقبة لو لم تزعجها المنافسة لبقيت على حالها ساكنة !
لكنها برزت فتناولتها ألسن الحسد تجلوها ، وهي تظن أنها تمحوها ، وتشهرها وهي تحاول أن تسترها ؛ حتى عثر بها من يعرف حقها ، واهتدى إليها من هو أولى بها ، فظهرت على لسانه في أحسن معرض ، واكتست من فضله أزين ملبس ؛ فعادت بعد الخمول نابهة ، وبعد الذبول ناضرة ، وتمكنت من برِّ والدها فنوَّهت بذكره ، وقدرت على قضاء حقِّ صاحبها ، فرفعت من قدره .
وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
[البقرة: 216]
#وقال ابن المعتز :
الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له ، ويبخل بما لا يملكه ، ويطلب ما لا يجده .
#وقال ابن حزم :
إنَّ ذوي التراكيب الخبيثة يبغضون لشدة الحسد كلَّ من أحسن إليهم ، إذا رأوه في أعلى من أحوالهم .
#وقال الخطاب بن نمير السعدي:
الحاسد مجنون ؛ لأنَّه يحسد الحسن والقبيح .
فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "أقوال العلماء فى الحسد والنهي عنه "
Post A Comment: