الشاعر المغربي / عبد اللطيف ديدوش يكتب : ومضات
1
تَلْسَعُنِي عَقارِبُ الْوَقْتِ
لِأَمُوتَ عَلى مَهَلٍ
كَقِطْعَةِ ثَلْجٍ ...
2
نَسِيتُ أَحْلامِي عَلى حَافَّةِ وِسَادَةٍ
وَتُهْتُ عَنْ أَبْعاضِي فِي زِحَامِ السَّرْنَمَة ...
3
جَدِّي ( إيغُودْ ).
لَمْ تُغْوِهِ تُفَّاحَةٌ
كَانَ مَسْلُوباً بِأَسْرار ( الْأرْگَانْ )
4
قَالَتْ حَوَّاءُ لِآدَمْ :
أَنَا جَنَّتُكَ الْفارِهَةِ
هَا أَوْراقُ التُّوثِ تَجْعَلُ مِنْ سَوْأَتِي فَاكِهَة ...
5
هَا نَمْلَةٌ عَابِرَةٌ بِوادٍ سَحِيقٍ
تَدُوسُ الْآنَ سُلَيْمانَ وَالْأَجْنادِ ...
6
كُلُّ الدَّمِ الَّذِي سَالَ
صَارَ وَرْداً وَدَمْعَة
كُلُّ الرَّصاصِ الطَّائِشِ
صَارَ حَبَّاتِ سُبْحَة ...
7
حِينَ يُصادِفُ عُكَّازَها عُكَّازِي
يَرْقُصَانَ ( أَحِيدوسْ ) بِأَثَرٍ رَجْعِيٍّ ...
8
هَمَسَتْ أُمِّي لِلْمَخاضِ :
- إِلَى أَيْنَ تَسْحَبُ صَغِيرِي؟؟؟
دَوَّتْ صَرْخَةُ الْوِلادَةِ :
- إِلَى الرَّحِمِ الْأَخِيرِ ...
9
أَيُّهَا الْحُلْمُ
لَا تَطْرُقْ جُفُونِي
فَأَنَا قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى
مِنْ إِعَادَةِ تَدْوِيرِ الْكَوابِيسِ
10
لَا أُرِيدُ مِنَ هَذَا الْعُمْرِ الْقَصِيرِ
إِلَّا طِفْلاً عَلَى صَهْوَةِ قَصَبٍ ..
11
عَلَى سَاحِلِ الْمُتَوَسِّطِ
تَصْطادُ صِنَّارَةٌ جُثَّةَ مُهاجِرٍ سِرِّيٍّ ...
12
كُلَّمَا أَغْلَقْتُ عَلَيَّ بَابِي
وَفَكَّكْتُ أَزْرَارَ قَمِيصِي
لِأَخْلُو بِنَفْسِي
أَلْفَيْتُنِي مُكْتَظّاً بِزِحَامِ الْأَضْدادِ ...
13
اَلتُّفَّاحَةُ أَشْهَى مِنَ الْجَنَّةِ
الَّلحْظَةُ أَغْوَى مِنَ الْأَبِدِ
اَلْأَرْضُ أَبْهَى مِنَ الْآلِهَة
14
فِي شِيفْرَتِي طَابُورُ أَسْلافِي
يَعُظُّونَ عَلَى أَصَابِعِهِمْ ...
15
كُلَّمَا عَزَفْتُ الُّلغَةَ عَلَى إِيقَاعِ الْأَرْضِ
أَهْدَرَتْ دَمِي
وَدَقَّتْ طُبُولَ السَّماءِ ...
16
اَلْأَبْناءُ أَدَوَاتُ نَصْبٍ
اَلْأَبَاءُ أَدَواتُ جَزْمٍ
اَلْحَيَاةُ مِنْ أَخَواتِ كَانَ
اَلْمَوْتُ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ
17
حِذَائِي يَخْجَلُ مِنْ مَاسِحِ الْأَحْذِيَةِ
حَقَائِبِي تَرْأَفُ بِكَاهِلِ حَمَّالٍ
قُمَامَتِي تَعْتَذِرُ مِنْ عَاملِ النَّظَافَة
وَفَمِي يَأْنَفُ مِنَ الْبَصْقِ عَلَى خَدِّ الْوَطِنِ ...
18
كُلُّ الَّذِينَ نَعَيْتُهُمْ
كُلُّ الَّذِينَ شَيَّعْتُهُمْ
كَانُوا جُثْمَانِي ...
19
فِي الْمَدْرَسَةِ عَرَفْتُ كُلَّ الضَّمَائِرِ
لَمْ أَلْتَقِ بِضَميرٍ خَارٍجَ اللُّغَة ...
20
اَلطِّفْلُ الثَّاوِي فِي كُهُولَتِي
مَا يَزالُ يَلْعَبُ الْغُمَّيْضَة ...
21
اَلْكَثِيرُونَ يَمْسَحُونَ نِعَالَهُمْ
وَيَنْتَعِلُونَ وُجُوهَهُمْ ...
22
اَلْقَلْبُ مَقْبَرَةٌ خَاصَّة
لَا مَثْوَى فِيهَا لِلْغُرَبَاءِ وَالسُّيَّاحْ ...
23
أَنَا الْمَيِّتُ
الَّذِي لا يَتْعَبْ
لَا يَمَلّْ مِنْ سَرْنَمَةِ الْحَياةِ ...
24
نِكَايَةً فِي صَخْرَتِي وَالْآلِهَة
أَحْمِلُ الْجَبَلَ وَمَا حَمَلْ ...
25
جَسَدِي مُسْتَوْطِنٌ
عَقْلِي مُهَاجِرٌ
مَنْ سَيَنْتَظِرُ مَنْ ؟؟
26
يُبالِغُ فِي تَكْبِيلِ نَفْسِهِ
فِي تَلْمِيعِ أَغْلالِهِ
وَلا يَتَوَانَى عَنْ تَحْرِيمِ الْأَجْنِحَة ...
27
لَا أَحَدَ يُصَاحِبُ الظِّلَّ
لَا أَحَدَ يَنْتَظِرُ الطَّريقَ
وَلا أَحَدَ يَمُوتُ بَدَلَ الْآخَرْ ...
28
ثَمَّةَ حُلْمٌ عَصِيٌّ مُنْفَلِتٌ
حُلْمٌ آبِقٌ
أَتُراهُ عَالِقٌ بِطَرَفِ الْوِسَادَة ؟
أَوْ تَمَلَّصَ إِلَى مَنامٍ آخَرْ ؟
أَمْ تُرَاهُ خَلَعَ الْحَالِمْ ؟
29
فِي هَذَا الصَّباحِ الْخَجُولِ مِنْ مَكْنَسَةِ الْخَرِيفِ
يَسْتَيْقِظُ نَقِيضِي
وَيَنامُ شَخْصِيَ الْمُسْتَعارُ
غَيْرَ مُبالٍ بِانْتِظارِي عَلَى قَارِعَةِ اليَقَظَة ...
30
يَا لَها مِنْ مَائِدَةِ كَرَمٍ
تَسُدُّ رَمَقَ الْمُشَرَدِينَ
قُمَامَةُ حَيِّنَا ...
31
قَوافِلُ أَحْلامٍ
حَقائِبٌ نَازِحَةٌ
تَزْدَحِمُ فِي بَطْنِ الْحُوتْ ...
32
شَجَرَةُ ( الْأرْغَان ) اَلْعَظِيمَة
تَطْرَحُ ثِمَارَهَا طَوْعاً
لَيْسَ خَوْفاً مِنَ الرَّجْمِ
لَيْسَ اِدْعَاناً لِزِيزِ الْحَصادِ
بَلْ عِرْفَاناً بِجَمِيلِ سِنْجابٍ ...
33
فِي كُلِّ مَساءٍ
أَمَامَ مَشْهَدِ الْغُرُوبِ
كُنْتُ أَغْرُبُ رُوَيْداً ... رُوَيْداً
34
بَعْضِي سَالِبٌ
بَعْضِي مٌوجَبٌ
كَأَنِّي وِحْدَةُ أَضْدَادٍ
35
تُرابٌ ومَاءٌ
كَأَنِّي بَعْضُ الْبَحْرِ
وَبَعْضُ الْيَابِسَة ...
36
أَنَّى لَهُ أَنْ يَنْعَتِقَ بِتَهْشِيمِ صَنَمٍ صَغِيرٍ
ذَلِك الَّذِي يَعْبُدُ كَبِيرَ الْأَصْنامِ ...؟
37
كُرْسِيُّ الْمَقْهَى
يَنْفُضُ الرُّوّادَ
لِيَفْرُغَ لِلْفَراغِ الْأَثِيرِ
تَعَباً مِنَ الْأَضْدادِ
تَعَباً مِنْ زَبائِنِ الْمَنْفَى ...
38
لِلْكَراسِي حَنِينٌ جَارِفٌ إلَى مَسْقِطِ شَجَرَة ...
39
فِي مُفْتَرَقِ الطُّرُقِ
أَسْلُكُ بِعَيْنَيْنِ مُغْمَضَتَيْنِ إِشَارَةَ قَلْبِي ...
40
هَارِبٌ مِنْ هَواجِسِي
مِنْ طَائِرِي وَظِلِّي
لِأُدْمِنَ أَقْرَاصَ الْأَبْجَدِيَّة
وَجُرْعاتِ الْقَصِيدَة ...
41
آوَيْتُ إلَى الدَّاخِلِ
تَرَكْتُ ظِلِّي يَتَسَكَّعُ فِي الْخارِجِ
تَفَقَّدَ ظِلالَ الْأَحِبَّةِ عَنْ بُعْدٍ
وَلَمْ يَعُدْ مِنْ وَباءِ الْمَدِينَة
مَخافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي بِالْعَدْوَى ...
42
فِي هَذَا الْجَنُوبِ الْمُثْخَنِ بِالْعَدَمْ
مُتَّسَعٌ لِحَزْمِ حَقِيبَة
أَوْ نَصْبِ مِشْنَقَة ...
43
كُلُّ أَسْمَاءِ الْإِشَارَةِ
تُشِيرُ إِلَيْكَ يَا وَطَنِي
وَحْدِي مَنْ يُشِيرُ إلَى وَاوِ الْعِلَّة ...
الشاعر المغربي / عبد اللطيف ديدوش يكتب : ومضات
Post A Comment: