فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "إستقبال شهر الصيام شهر رمضان"
أيام معدودة ونستقبل أعظم شهور العام ألا وهو شهر رمضان .
شهر رمضان شهرٌ يتضاعف فيه الأجر والثواب على الطاعات والعبادات .
قال صلى الله عليه وسلم لأم سنان الأنصارية :
فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً .
متفق عليه
وعن إبراهيم النخعي قال :
صوم يوم من رمضان أفضل من ألف يوم وتسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة وركعة في رمضان أفضل من ألف ركعة .
شهر رمضان فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر ، خيرٌ من أربعة أشهر وثلاثٍ وثمانين سنة من العبادة والطاعة ألا وهي ليلة القدر قال تعالى :
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ*لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}
[القدر: 1 ـ 3].
شهر رمضان تتعدد فيه فرص غفران الذنوب وستر العيوب وتكفير السيئات فالصيام والقيام واغتنام ليلة القدر وجميع طاعات وعبادات شهر رمضان كلها مكفرات للذنوب .
قال صلى الله عليه وسلم :
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .
متفق عليه
وقال صلى الله عليه وسلم :
مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .
متفق عليه
شهر رمضان شهر تجتمع فيه أمهات العبادة والطاعة اجتماعًا لا يتحقق في غيره والعبادات والطاعات ميسرٌ فعلها في رمضان وطريقها معبدٌ ومذللٌ وذلك لما اختص الله به هذا الشهر الكريم من الفضائل .
فالناس أغلبهم على الطاعات مجتمعون والأعوان على الخير كثيرون ، ومردة الجان مقيدة ومسلسلة ، والنار غلقت أبوابها والجنة فتحت أبوابها وينادي مناد من قبل الرحمن يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشرّ أقصر .
قال صلى الله عليه وسلم :
إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ :
يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ .
رواه الترمذي
وفي هذا الشهر الفضيل قال صلى الله عليه وسلم :
أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي أَمَّا وَاحِدَةٌ :
فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ وَمَنْ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أَبَدًا .
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ : فَإِنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ .
وَأَمَّا الثَّالِثَةُ : فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لَهُمْ فِي لَيْلِهِمْ وَنَهَارِهِمْ .
وَأَمَّا الرَّابِعَةُ : فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُ جَنَّتَهُ أَنِ اسْتَعِدِّي وَتَزَيَّنِي لِعِبَادِي فَيُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُمْ نَصَبُ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا وَيَصِيرُونَ إِلَى جَنَّتِي وَكَرَامَتِي .
وَأَمَّا الْخَامِسَةُ : فَإِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ جَمِيعًا .
الأربعين للنسوي والبيهقي في الشعب
فشهر رمضان وإدراك صيامه وقيامه وطاعاته نعمة عظمى لمن كتب وقدر الله له ذلك ، ولذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم يدعو الله ويقول :
اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ وَسَلِّمْهُ لَنَا وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا حَتَّى يَخْرُجَ رَمَضَانُ وَقَدْ غَفَرْتَ لَنَا وَرَحِمْتَنَا وَعَفَوْتَ عَنَّا .
فضائل رمضان لابن أبي الدنيا
🌵لذا وجب على المسلم أن يعدّ العدة لاستقبال هذا الشهر الكريم ، حتى يخرج مغتنمًا لأكبر قدرٍ من نفحاته ورحماته وخيراته وبركاته
ومن هذه العدة التوبة والأوبة ، والرجوع إلى الله والاصطلاح مع الله بالابتعاد عن المعاصي والآثام والفواحش والمنكرات حتى يوفقنا الله عزّ وجلّ لاغتنام نفحات هذا الشهر الجليل .
قال تعالى :
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}
[العنكبوت:69]
وقال تعالى :
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
[النور:31]
أيضاً :
سلامة الصدر وتصفية القلب بالابتعاد عن الأحقاد والضغائن والتناحر والتشاحن حتى تقبل منا الطاعات والعبادات في شهر رمضان .
قال صلى الله عليه وسلم :
دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ : الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ هِيَ الحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَلِكَ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ .
رواه الترمذي
تهيئة الروح والجسد لاستقبال هذا الشهر الفضيل وذلك يكون باستصحاب العبادات والطاعات التي تؤدى في هذا الشهر الفضيل من صيام وقيام وقراءة قرآن وصلة أرحام وبذل وعطاء وجود وسخاء...الخ
ويكون ذلك أيضًا بالوقوف والتعرف على فضائل شهر رمضان ونفحاته وبركاته وخيراته ، وتعليم ذلك للنشء والجيل الجديد ، فالعلم والمعرفة بفضيلة الشيء وثمرته يكون دافعًا لاغتنامه .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه :
كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ :
إِذَا اسْتَهَلَّ شَعْبَانُ أَكَبُّوا عَلَى الْمَصَاحِفِ .
أي : قرأوها
وَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ فِي زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ فَقَوُّوا بِهَا الضَّعِيفَ وَالْمِسْكِينَ عَلَى صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَدَعَا الْمُسْلِمُونَ مَمْلُوكِيهِمْ فَحَطُّوا عَنْهُمْ ضَرَائِبَ شَهْرِ رَمَضَانَ وَدَعَتِ الْوُلَاةُ أَهْلَ السُّجُونِ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَقَامُوا عَلَيْهِ وَإِلَّا خَلُّوا سَبِيلَه .
الترغيب والترهيب
فى شهر رمضان نتذكر دائمًا فوائد وفضائل ونفحات هذا الشهر الكريم، ففي رمضان تجتمع أمهات العبادة والطاعة، وأجرها وثوابها مضاعف وأدائها ميسر ومسهل .
قال صلى الله عليه وسلم :
كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ :
إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ : فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ .
رواه مسلم
ولذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم يدعو الله ويقول :
اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ وَسَلِّمْهُ لَنَا وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا حَتَّى يَخْرُجَ رَمَضَانُ وَقَدْ غَفَرْتَ لَنَا وَرَحِمْتَنَا وَعَفَوْتَ عَنَّا
فضائل رمضان لابن أبي الدنيا
▪️وصايا لاستقبال شهر رمضان
#تعرّف على فضائل شهر رمضان ، وشرف مكانته ، فهذه المعرفة تجعلك تقدره حق قدره ، وتغتنمه كأحسن مايكون ، تذكّر أنّ رمضان هو شهر المغفرة والرحمة ، فكم أعتقت فيه من رقاب ، وغُفرت فيه من ذنوب ، ورُفعت فيه من درجات .
#تعلّم أحكام الصوم حتى تُكمِل صيامك ، وتؤديه على أكمل وجه ، فالصائمون كُثر ولكنّ ثواب صيامهم متفاوت ، ومن أعظم أسباب التفاوت : تكميل الصوم بتأديته كاملاً موفوراً بواجبته وسننه وآدابه .
وهذا أمر ميّسر ، فانظر هدي النبيﷺ في الصوم ، وانظر كتباً مختصرة في أحكامه تعرّفك ماتحتاجه .
#تخفّف من الذنوب والمعاصي .
فهي أكبر عائق لاغتنام مواسم الخير ، وأعظم سبب للحرمان ، وصاحبها معَاقب وهو لايشعر ، فتجده يدرك مواسم الخير ويخرج منها وهو لا يشعر بقيمتها ، ولا يعرف فضلها .
وعلينا أن نجدّد التوبة قبل رمضان ، ونجددها إذا دخل رمضان بل وفي كل يوم ، ولنوقن أنّ رحمة الله قريبة من المقبلين عليه .
#القراءة في سير الصالحين .
سلفنا الصالح سادة العبّاد والصالحين عرفوا فضل العبادة ، وأيقنوا بمنزلة رمضان فاغتنموه حق الغنيمة ؛ فتجد أحدهم يصلي غالب الليل ، ونُقلت لنا عنهم صوراً عجيبة لختم القرآن ، وكذلك في الصدقة والبر ونحوها ، فالقراءة في سيرهم تحفّز النّاس على التشبه بهم ، ومجاراة صنيعهم ، فالنفس مولعة بالتأسي ، فدونك سيرهم تأمّل فيها لعلها تكون حافزاً لاغتنام الشهر .
#النية الصادقة والعزيمة الجادة .
سببان عظيمان بعد توفيق الله في اغتنام رمضان .
فانوِ هذه الأيام : الجد والإجتهاد ومضاعفة العبادات في شهر رمضان ، وأيقن أنّ الله مطلّعٌ على نيتك ، عليمٌ بسريرتك ، فمتى مارأى منك الصدق ، سددك وأعانك .
#ضع نقاطاً أساسية تسعى لتحقيقها في هذا الشهر ، أولها وأعظمها :
المحافظة على الصلاة في أول وقتها ، والحرص على سننها ومنها :
إلزام النفس بقيام رمضان من أول ليلة حتى نهايته .
ومنها : قراءة القرآن كل يوم .
ومنها : المحافظة على الذكر ، ولزوم الدعاء ونحوها .
وأيقن أنّ من فعل ذلك كان من الرابحين في رمضان .
#البيئة الصالحة خير معين لك لاغتنام رمضان .
فهيئ بيئتك التي تعيش فيها من بيت وصحبة لتعينك على طاعة الله ، واغتنام الشهر .
كم من إنسان نفسه تتوق للطاعة ، ولديه رغبة جادة لفعل الخير ولكن يحول بينه وبين تحقيق مقصده البيئة المحيطة به فكن جاداً في هذا الأمر ، ولا تساوم فيه .
#التهيئة النفسية
حدّث نفسك عن رمضان ، ذكّرها بفضائله ، اجعلها تشتاق إليه ، ومنّي النفس ببلوغه .
رغّبها باستغلاله ، وبيّن لها فضائله ، وأنّه من أعظم المواسم لزيادة الإيمان ، ورفعة الدرجات في الجنان .
فهذه الأمور ونحوها تجعل النفس تتهيأ لاغتنام الشهر على أكمل حال .
#الإكثار من الدعاء .
جميع ماسبق وغيره لا يملكه إلا الله عز وجل .
فأكثر من الدعاء ، وألح في المسألة ، وكرر الطلب أن يوفقك الله ويعينك ويسهّل لك طاعته ، ويُحببها إلى نفسك ، ويهيئ لك من الأسباب ماتكون عبداً صالحاً في رمضان ، مغتنماً لأيامه ولياليه .
فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "إستقبال شهر الصيام شهر رمضان"
Post A Comment: