الكاتبة السودانية / إيمان محمد أحمد تكتب " السادس مِـنْ رمضان عام 2022" 




 حلت علينا بركة هذا الشهر العظيم، شهر رمضان الذي أنزل فيه القران هدى للناس، وفي أول يوم في شهر رمضان المبارك وعلى غير العادة كان اليوم يبدو عادياً جداً والصمت يسكن بكل بقعة في أرجاء المنزل بسبب قطع التيار الكهربائيّ أو لربما هذا الذي يُـسمى بهدوء ما قبل العاصفه!، الطقس كان جميلاً جداً كوجه والدتي وابتسامتها والسماء صافيه كقلبها تماماً، ولوهلة أمتلاء قلبي بالضجيج رأيت نفسي أقـعُ تارةً بعد تارةً وكأنني بقاعِ المـوت!، سمعت رنين هاتفي وهممتُ لرفع السماعه إذ بها والدة صديقتي تقول لي أن أبنتها « فاطمه» رفيقة قلبي ستُجري لها عملية ثقب في القلب اليوم وأقفلت سماعه الهاتف.... 

وددتُ كثيرًا لو أننيّ أستطيع أنّ أصِـف ما بداخلي في تلك اللحظه من حزن وخوف!، تراكمت هذه الأحزان في قلبي بعضها فوق بعض الآن لا أعرف أي حزن غيرني لهذا الحد، أصبحتُ أشبه بالخيط الذى يُقطع ويُوصل مرات عدّة ولا يعود خيطًا مرة أخرى بل يصبح كتلة من العُقد.

سِرتُ إليها في أحدى المستشفيات بالعاصمه الخرطوم قبل أجراء العمليه الجراحيه بدقائق وقلبيَّ يرتجِف هلِعاً، شعرت أنها قد تتكرني وحيدة وتُرجِعني خائبه وتجعَل قصتنا نهايتها البَوْن قبل أن تبدأ حتى.!

نظرت إلي نظرةَ كحدة السيفِ ، وإختراقت صدري وإستوطنت بالقلبِ، فقلت لها هل ببعضِ الوقت أتسمحين لي الجلوس معكَّ.؟

باتتِ الدهشةُ واضحةً جدًا على تفاصيل وجهها 

= تفضلي يا عزيزتي.!

= الأن أريدُ إجابة لكُل سؤال لديَّ.

= ما هي الأسئلة.!؟

= لماذا لم تخبريني أن لديك ثقب في القلب؟، هيا أكذبيّ عليّ وقولي لي أن كل هذا كذب لكيّ لا أنفجِر كالشلالِ أرجوك.! 

= آسفه .

صمتُ قليلاً وظلت تُحدِق بيّ وتبسمَت إبتسامةً قَسامَة وكأنه أخر لقاء بيننا...

جلسنا نتحدثنا لوقت قصير ووقعتُ بالبكاء كمن وقع بالجُب... 

وما هي إلا لحظات وتسارع بها الأطباء نحو غرفة العمليات وأنا مازِلتُ أود إخبارك بالمزيد بأشياء خبأتها بقلبي ، تتعلق بك وحدك أهمها أنني لم أُحسن حُب شي كما أحببتك يا صغيرتي. 

ها هي دقائق وساعات تمرّ ولم يخرج ذو الرداء الأخضر من غرفة العمليات ليطمئن قلوبنا، وفجأة أنقطع التيار الكهربائيّ في أثناء الجراحه وهرع الأطباء مُسرعين لإحضار مولد طاقه لإتمام العمليه، مضت ساعه وهم يبحثون ويبحثون حتى تسلقت روحها إلى السماء!، خـسِرت صغيرتي بسبب انقطاع التيار الكهربائيّ في غرفة العمليات مَرّة ورافقني الخـوفُ ألف مَـرة ومُرّة.

تـركتك وترتكتنِي معـك والآن لا أنا ولا أنتِ معًا!، كفى عن ظلم المواطنين والتلاعب بأرواحهم البريئه ورفقاً بهم ، وهؤلاء الذين يموتون أمام أعين الأطباء بسبب الأخطاء الطبيه والإنقطاعات المُستمره بسبب أو بدون سبب، التيار الكهربائيّ يسري في القصور والشركات الضخمه وينقطع في المستشفيات!، يا تٌـرى إلى متى ستستمر هذه الحاله!. 

أين العدل في هذا؟ 

أين الحكومه!..


 

الكاتبة السودانية / إيمان محمد أحمد تكتب " السادس مِـنْ رمضان عام 2022" 



Share To: