الكاتب الجزائري / ميموني علي يكتب "كنوز روحية في البرية.." 





منذ فترة ركنت في إحدى زوايا عقلي خوض غمار أي رحلة تساعدني على إكتشاف تندوف والتوغل في المناطق الخلابة التي يصعب زيارتها إلا بتصريح من الجهات المسؤولة..

شغفت فجأة بولايتي تندوف وزادت رغبتي في التنقيب عن كل الأماكن الجميلة التي تزخر بها من أجل أن تمتلأ عيناي بكل تفاصيل هذه المنطقة المجهولة على أغلب سكانها فما بالك بغيرهم..

ولأجل أن أحقق هذه الغاية وجب أن أتواصل مع الشخص المناسب لهذه المهمة فما كان مني إلا أن أخترت الأقدر، الأفضل، الأكثر شغفاً وجنوناً بمثل هذه الرحلات التي لا يكون؛ المرح والإستجمام أو التجول فقط مِحورَها بل المغامرة والإِستِكشاف ثُم التعلم حول الكثير من الخبايَا التي يجهلها الإنسان الذي لا يَتصِف بالفضول.

مرت مدة طويلة وفي كل يوم أزعج "عمي فيصل" وأصر عليه لأرافقه وكلما أعطاني موعداً محدداً ليوم الإنطلاقة شغله شيء حتى؛ تم تحديد يوم خاص، كانت سعادتي كبيرة لأني سأخوض تجربة لم أختبرها من قبل في مكان وصفه قائد الرحلة بأفضل مكان يمكنك أن تستلهم منه لأني أشارك في هذه الرحلة ليس لأجل الإلهام فقط والإسكتشاف بل للكتابة عن مناطق جديدة ساحرة تستحق أن أجعلها ضمن رفوف كتاباتي لتعطيني نفساً جديداً و روحاً خصبة مُتْخمةٌ بالخيال.. 


  لم نوفق في الرحلة لأن الشريك الثالث وصلته مهمة عمل فبائت الخطة بالفشل، رغم الحماس الشديد الذي إعتراني ولكن ما باليد حيلة حددنا غيره، وكانت نفس النتيجة، فقطعت التواصل مع "عمي فيصل" قائلاً في نفسي كل شيء في وقته جميل؛ تستحق هذه الرحلة أن أنتظر بهدوء لأجلها وهذا ما فعلته... 


كنت قد نسيت أمرها حتى تواصل معي "القائد" قائلاً سنذهب اليوم على الرابعة مساءاً  فهل ستذهب معنا فالرحلة طويلة، دون تردد أعلنت موافقتي. 


   غريب عمل العقل كلما كان اليومُ باهتاً لم يحسسك بمرور الوقت بينما حين يتعلق الأمر بشيء ترتبط به روحياً وبكامل مشاعرك تصبح الثانية كأنها ساعة 

يتباطئ مرور الزمن خلال هذه المدة بشكل مثير للريبة..

أبكرت النهوض للعمل لأقوم بكل ما يلزم لإفراغ الفترة المسائية وهذا ما أطُرَنِي للعمل من الثامنة حتى الثالثة دون توقف وأنا أشتعل حماساً كأني أعيش سعادة أول موعد غرامي... 


ذهبت للبيت استحممت غيرت ملابس العمل وتعطرت استغربت "أختي" حين أخبرتها أني لن أفطر بالبيت وهي تقلبني بإستغراب ولا أشك في أنها تقول بداخلها أين سيذهب هذا الصعلوك متأنقاً هل سيفطر عند فتاة ما ؟!

مما أعلمه عن نفسي حبي لخوض التجارب الجديدة دائماً ما يعطيني إحساساً حقيقياً بجمال الحياة لأني مدرك تماماً أني سأتعلم الكثير من الأشياء ولهذا أخوض تجاربي الجديدة بشكل غريب كل مرة. 


وصلت الرابعة وبضع دقائق تُلاحِقها ولم يتصل "عمي فيصل" بعد ولازلت تحت مراقبة أعين أختي التي يدور برأسها كثير من الأسئلة!!؟؟

  استلقيت منتظراً إتصاله فإختطفتني إغفاءة التعب الشديد خاصة مع الصيام، وإذ بي أتخيل أن الهاتف يرن فأجبت دون وعي مني بمجرد سماعي لصوت (القائد) كأن السعادة أنشبت بروحي وجسدي مخالبها، وقفت بحماس كأني لست الذي كان نائماً فقال: هل أنت نائم ما بك كدت أذهب دون رفقتك فأنا أتصل منذ وقت طويل وأرسل لك فالمسنجر فلا تجيب؟! 

كاد قلبي يتوقف هل فاتتني الرحلة أقول في نفسي؟ 

لكن بمجرد أن سألني عن مكان تواجدي هدأت نفسي

أعطاني نقطة الإنطلاق كانت حينها الساعة الخامسة وبضع دقائق، خرجت من البيت قائلاً في نفسي سأزور مكاناً في الولاية لم أزره من قبل فكيف ستكون علاقتي به يا ترى؟

  إلتقينا وركبت سيارة" عمي فيصل" بعد السلام مباشرة بدأ يعرفنا على بعض أي أنا و الرفيق الثالث الذي يشتغل في نفس مجال "عمي فيصل" (مديرية الشباب والرياضة) كما أنه رجل مهووس بعلم الفلك وله باع كبير في هذا المجال من ناحية المعلومات والأبحاث، 

بكل صراحة مهما كانت إنجازاتك سترى نفسك دائماً بعين النقصان أمام الأسماء الكبيرة في مجالاتهم و كذلك الأمر بالنسبة لمن تحدثه عن أعمالك و هواياتك ولهذا وجب أن يكون الإنسان فضولياً ليحتك بالناس جميعًا بمختلف توجهاتهم حتى يرى جمال الحياة من خلال أعينهم وهنا يكمن السر في نِعْمة الإِخْتِلاف.


  تنطلق الرحلة بكثير من النقاشات والمعلومات الفلكية والحيوانية والبرية..

هذا مما لم أحدث به أحد أني أملك بعض المعلومات عن الحيوانات لأني كنت مهتماً بهذا الجانب في فترة من طفولتي وكذلك بالتضاريس..

لكني في نقاش بين ثلاثة أشخاص زرت القطب الجنوبي المتجمد وعلمت أنه لم يتم إستكشافه كاملاً

وأن الإختلاف بينه وبين القطب الشمالي المتجمد كبير جداً لأن الشمالي عبارة عن مياه أما الجنوبي فهو قارة جليدية..

سألنا "عمي فيصل" لماذا لا يلتقي البطريق والدب القطبي ؟ ولماذا لم نشاهد ولو لمرة واحدة فيديو يلتهم فيه الدب البطريق؟

فقلت أنا والأستاذ "محمد" نفس الإجابة: لأنه لا يحبه فهو يحب السمك والفقمة وكلب البحر.. 


  إبتسم قائلاً : لأنهما لا يعيشان على نفس الأراضي فالدب بالشمال و البطريق فالجنوب أي لا يلتقيان أبداً. معلومة جميلة وقيمة تزن ذهباً خاصة للمهتمين بهذا الجانب. رأيت غراباً على حافة الطريق فقلت سبحان اللّه الطائر الوحيد الذي لا تشغله حرارة الشمس يتجول تحتها بحرية كأنه لا يعلم بوجودها بالعامية التندوفية قلت (رخاها اللّه)

أردف "القائد" إنه يستطيع العيش في أي مكان وهو الأكثر إنتشاراً في العالم 

ليتحدث الأستاذ "محمد" مفرجاً عن بعض المعلومات التي يزخر بها؛ إن ريشه مصنوع بتقنية النانو أي لا يُدخِل الحرارة لجسمه رغم سواد لونه القاتم ومما نعلمه أن الألوان القاتمة تجذب الحرارة ثم ألحق تلك المعلومة بأخرى؛ ونفس التقنية خلق اللّه بها فروة جلد الدب القطبي ولا يمكن رؤيتها إلا تحت المجهر..

   كأن هذه الرحلة تخبرني بفصيح الكلام أن جمال الحياة يكمن في إختلاف الهوايات وهذا ما يجعل منها رائعة لأنك حين تستكشف بعض المعلومات التي كنت تجهلها ستعلم حقاً أن الحياة أكبر من مجرد سطح أرض نعيش عليها إنها تزخر بالكثير من المفاجآت و الأسرار التي تستحق أن تخوض الغمار لتستقي منها (العلم)

  وجه "محمد" نظره نحوي وبدأ يسألني عن مؤلفات و توجهاتي فالكتابة تناقشنا حول الأمر بمتعة جميلة..

ليسود الصمت بعض الوقت، حينها تغير سائق السيارة،

تبادل (عمي فيصل مع أستاذ محمد) كنت قد لاحظت حينها جمال لون سماء و إختلاف المناظر كأن الألوان المحيطة بنا تغيرت فأخبرت "عمي فيصل" بذلك فقال: سترى أكثر من هذا إصبر فقط حتى نصل...

  كنت مثل الطفل الصغير أدقق في النظر لكل ما حولي 

سعادتي لا توصف نحاذر الطريق بسبب الجِمال الكثيرة على أطرافها، ساد الصمت والهدوء جوف السيارة فتذكرت لحظة من أجمل اللحظات التي عشتها في حياتي و أفضل منظر قد رمقته هذه المقلتين الناعستين 

كان ذلك سنة 2007 لربما أحدثكم عنها في (قطرات من حبر الذكريات).

تحدثنا كثيراً عن جمال (مملكة تنهنان؛ ولاية تمنراست)

وروعة تضاريسها وبعض حيواناتها و هيبة جوها والكثير الكثير من الأمور التي تميزها عن باقي الولايات 

   كذلك ولايتنا الحبيبة ما يمنعنا كونها منطقة حدودية ويصعب جداً التعمق في تضاريسها ولكن كلما سنحت الفرصة لن نبخل أنفسنا أكيد.

وصلنا للمكان ولكن وجي أن ندخل التضاريس الوعرة فوجب أن يمسك "القائد" مقود السيارة لأنه الأكثر علماً بالطريق، جلس في مكانه طلب مني إخراج الكاميرا 

وإعطائها للأستاذ "محمد" فقد دقت طبول المغامرة 

جهز الأستاذ إعداداتها المهمة مقسمة بوضوح

القائد: يركز على الطريق لأنه وعر

أنا: أمعن النظر حولنا بحثاً عن الذئب وفور أن أراه

الأستاذ محمد: يقوم بتصويره...

كنت أشعر أنني أعيش فلم وثائقي كما إعتدت أن أشاهد في قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي فجأة تذكرت أستاذي "فؤاد شمص" الذي لا يبخل علي بالنصائح في مجال التعليق الصوتي ولأنه أكثر شخص أتابع أعماله في هذا المجال فنطقت مقلداً له بطريقة مسلية والأدرينالين يتصاعد بهدوء...

(في مغامرة مليئة بالمخاطر ورغم الصيام الذي لا يمنع هؤلاء الأبطال البحث المُجِد عن ذئب كوالالنشور الرمادي) يضحك الرفيقان ويستمتعان بالأمر لأني أديت بشكل جميل جداً لأكتشف أن لي مستقبل جميل في هذا المجال لربما مستقبلاً سأخوضه واللّه أعلم 

ندقق المراقبة في كل شيء نتحدث عن فوائد النباتات التي نمر عليها دون ملل خاصة الأستاذ "محمد" فهو في هذا الجانب زاخر بكمٍ هائل من المعلومات حفظه اللّه 

(جبال تضاريس وعرة نباتات حشائش) و بحث عن ذئب أقسم أني أكتب الآن ولازلت أحس نفس الأحاسيس وأرغب في إعادة الكرة..

لم نوفق في تصوير الذئب لكن ذلك لم يشعرني بالخيبة لأنني أعلم أنه ليس دائماً ينجح الإنسان من أول محاولة. أنزلنا العدة و الإفطار، جمعنا بعض الحطب وضعناه بالقرب من السيارة ثم أخرج عمي فيصل 

كل ما يحتاجه الحاسوب، المنظار، وأكيد آلة التصوير، 

تجهز كذلك الأستاذ "محمد" مرتدياً لباسه وحذائه الخاص بمثل هذه المغامرات تراه فتظن أنك تحضر شريط وثائقي مباشر لكنك في الحقيقة تعيش اللحظة.

إنطلقنا والحمس يجعلني أتوهج بعد عدة خطوات مبتعدين عن السيارة وطعام الإفطار في حين كنت أردد مغامرة شيقة في وديان كوالا لامبو بحثاً عن ذئب كوارا لانشو الرمادي يسير الثلاثي بثقة وحماس شديدين، فقال "محمد" : كوالا لانشور سيلتهم إفطارنا كان قلقاً بشأنه حقاً. لكن علي غير الإسم أعطي هذا الذئب إسماً 

محليا فقلت (بايقة كوالا لانشور) كلمة عامية بالتندوفية، فضحك الثنائي متذكرين شخصاً عرف في المنطقة بهذا الإسم.

بعد عدة خطوات وقفنا على حافة الوادي الذي سحرني حقاً بجماله الخلاب سواء ألوان الحجارة أو السماء بصفائها أم تلك الأشجار أعتقد أني لن أصفها أكثر من ذلك لأن مثل هذه الأماكن تستحق الزيارة و المشاهدة المباشرة بالعين، الهواء نظيف بشكل عجيب وغريب أقسم لأنك إن دققت في التركيز ستحسه يتجول في دمك.

كان من أجمل ما عشته هو تلك اللحظة التي تخيلتها في صغري تحققت في كبري إمساك المنظار و البحث عن حيوان بري في لحظات شيقة. تبادلنا الأدوار في البحث وحين لم نتبين شيئاً نزلنا المنحدر في طريق وعر كله حجارة تتوزع على مد البصر، نحاول في سيرنا أن نهدأ قدر الإمكان لأن هذا هو السر في الحياة البرية كلما إمتزجت بهدوئها منحتك جوائز قيمة ولربما نادرة جداً..

وجهتنا كانت كاميرات الفخ التي نصبت منذ مدة يسير "عمي فيصل" و "محمد" وهما لا يشكان أن بطل هذه الحلقة من مغامرتهما هو "الحمار" كما في الحلقة التي قبلها.. لكن شاءت الأقدار أن يظهر في أول الصور ثم يظهر (بايقة كوالا لانشور) الرمادي في عدد كبير من الصور والعدد وصل ل 2 كلهما ظهرا بشكل جيد ثم صور (للروي) أو كما يسمى بالعربية الفصحى "الوعل"

تأسف "القائد" لأن الصور النهارية للبايقة و لروي قليلة أغلب الصور ليلة فجأة إذ به يضرب كفيه ببعض قائلاً (مش لخلا) لم نفهم قصده ولكن السعادة التي رسمت على ملامحه لا يمكن وصفها، ثم أردف غريب جداً هذه أول مرة يتم فيها إلتقاط صورة له في برية تندوف أي أن هذا إنجازٌ تاريخي يستحق التوثيق، صحيح أنه لم يظهر في الصورة سوى نصفه الخلفي قدميه وذيله ولكن خبرة "القائد" لا تخيب قال ضاحكاً: غريب في ولاية "بشار" صورت نصفه الأمامي وفي تندوف النصف الخلفي ليكتمل الفرق فقط أنه ظهر في تندوف كما أنه ظهر مع ظهور الذئب يعني شيء لا يصدق فلا يمكن له التواجد في محيط واحد مع الذئب لأنه سيؤكل لا محالة فكيف إمتلك الشجاعة ليظهر في نفس المكان الذي تم إلتقاط فيه صورة لذئبين...

تم إفراغ الصور في الحاسوب ولا شيء يستطيع وصف تلك المشاعر التي تملكت "فيصل" خاصة أنه هذه المرة توج بعدة صور جميلة ليلية ونهارية رائعة وخاصة تلك الجائزة الكبرى (قط البراري) كل هذا حدث وكان قد مضى وقت الإفطار ونحن لم نكسره بعد وقد كان الأستاذ "محمد" مشغول الافكير به في كل مرة يقول درك ياكلونا الذيابة لفطور ونقعدو بلاش أمازحه و أرسم له من مخيلتي بكلماتي قائلاً: فور وصولنا سنجد الذئبين قد أتخمهما طعامنا يضحكان علينا وما كان منه إلا أن يضحك على كلامي السخيف..

جميلة جداً تلك المنطقة بكل ما فيها من تفاصيل واللّه كنت أتمنى ألا تنتهي هذه الرحلة أبداً يقشعر بدني كاملاً 

دفعني ذلك الحماس لأطلب من عمي فيصل الإنضمام لفريقهم وكان رده سيكون ذلك شرفاً لنا..

أطفأنا الحاسوب و حملناه معنا أنا والأستاذ "محمد" متوجهين نحو فطورنا نحثو الخطى.

الهواء منعش رغم تأخرنا قرابة العشرين دقيقة عن وقت كسر الصيام إلا أنني لم أشعر أبداً بذلك.

في سيرنا تصاعدياً نحو قمة المنحدر أطلقت ذلك الصوت الرخيم الذي أهداه لي اللّه أبدع وأطلق الكلمات بعشوائية لكنها متناسقة وبليغة أشعر كأني أحلق بحرية في الهواء حتى نسيت نفسي ثم قلت لمحمد: أعتذر على حماسي فأنا سعيد فقط ولهذا أتصرف بعفوية 

فرد: على العكس تماماً أنت تجعلني أشعر بحماس جميل وأنا أستمع لك فأكملنا على تلك الوتيرة خلفنا عمي فيصل قادم..

كسرنا الصيام بتميرات كانت 15 حبة بالضبط كل أخذه حقه بالعدل ثم توجهنا لمكان مرتفع لنصلي المغرب بعدما سلمنا نزل الثنائي وبقيت أنا أبادل نجوم السماء النظرات كأننا نتغزل ببعض بقيت مدة طويلة حتى إطرواْ لمناداتي لأني لم أرى مثل هذا المنظر مذ سنوات عديدة حين كنت أسكن في جبال تمنراست وسأقص عليكم قصصها في قطرات من حبر الذكريات بحول اللّه تناولت "حريرة" كانت رائعة جداً صنعت بحب وإتقان لنردف بعد ذلك طبق مميز مرق الزيتون بالدجاج الذي أعده لنا خصيصاً الأستاذ "محمد" بيديه فكان من أروع ما أكلت جزاه اللّه كل خير وأدام عليه صحته وعافيته 

أول ما فعلناه كان تحضير القهوة فمثل هذا المكان والجو الذي نعيش فيه يستحق ذلك.

بينما نحن مجتمعين حول تلك النار منتظرين أن تجهز القهوة ولأني كنت جالساً (مقنبع) دخلت "عقرب" من تحتي دون أن تلحق بي سوءاً ولم أنتبه لها حتى أشار لها "محمد" فأول ما فعله عمي فيصل أخرج هاتفه وأعطاني المصباح وبدأنا بتتبعها وتصوير فيديو لها 

بعدة عدة فيديوهات من كل الجوانب والإتجاهات تم التخلص منها بأسلوب أيامنا الطفولية ولا أحتاج لذكر ذلك فلكل أسلوبه.

قبل كل ذلك أخذنا كل مصابيحنا متوجهين نحو مكان مخصص للمياه فحفرنا به حفرة بحجم جيد صدقة منا 

للحيوانات والطيور لتروي منها عطشها جعل اللّه في ميزان الحسنات و أعتقد أن هذا أكثر ما جعلني أرتبط بفكرة الإنضمام لهذه المجموعة التي لا تفعل هذا إلا من حبهم الشديد لهذا العمل رغم أنه مجرد تطوع ❤

عدنا جهزنا قهوتنا وشربناها على مهل إستمتعنا بذلك على طريقتنا وحسب مزاجنا، فحدثني الأستاذ محمد عن النجوم قليلاً يذكر لي الجبابرة الثلاثة نجوم على إستقامة واحدة ثم يشير إلى كتف الجبار الأيمن والأيسر كل نجمة حسب مكانها و دورها يتحدث فأنصت بإهتمام لكم المعلومات التي يزخر بها ما شاء اللّه اللهم لا حسد.

أراد عمي فيصل إعادة كاميرا الفخ لمكان جديد وقد أخذ معه بعض الدجاج وعظامه لأنها محببة جداً للقط البري و وجب عليه تغيير بطاريات الكاميرا الثانية 

وأراد فعل ذلك وحده فقررنا نحن أن نجلس على حافة المنحدر ونراقبه من بعيد خشية عليه فأخذنا رفقتنا حبات برتقال و نستمع لكوكب الشرق "أم كلثوم" فظهر أن الأستاذ محمد يحب هذا النوع من الموسيقى فأتفقنا تماماً عمي فيصل ينزل بهدوء ونحن نتحدث عن هذا الفن فأخبره كل الأسماء التي نالت ذائقتي وأستمتع بالإستماع لها وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى ولكل منها وقت خاص أحدثه عن المغنين و الملحنين فيستمع بشكل جميل ولا أجد أبداً حاجزاً يجعلني أتوقف عن الحديث حقيقة رحلة تستحق خوض الغمار.

نهدأ مدة من الزمان نتأمل النجوم ونستمع لأم كلثوم 

بعد ذلك أخرج هاتفه ليشغل تطبيقاً خاصاً بعلم الفلك ذلك الهوس الذي أسره سجن طاب له.

ويريني الدب القطبي و شكله في السماء وغيره من الحيوانات التي ذكر أنها تظهر في السماء يريها لي مرسومة بدقة فأتعجب من بديع خلق الرحم'ن سبحانه وتعالى.

تحدثنا كثيراً كأننا صديقان إفترقا وألتقيا بعد مدة من الزمن.

يقول ممازحاً يبدو أن "فيصل" قد هاجمته الذئاب لهذا تأخر وبقي مصباحه مشتعلاً فأفند ذلك تماماً 

يضحك و يعيد نفس الكلام حتى إذ به يتحرك عائداً 

نناظره وننتظره مستمتعين بأغنية "سيرة الحب" و هي المفضلة للأستاذ محمد بين كل إبداعات الفنانة..

نغني معها ونتمايل على أنغامها حتى وصل عمي فيصل ومر دون أن يحدثنا فقال محمد: ما به لم يسلم 

لحقنا به وسأله عن ذلك فقال: نتوما صحاب الكلاثيم واعرة حكايتكم كي تندمجو مع الأغنية يخصكم غير تعمرو ريوسكم 🤣

أردفت أنا يراني الجميع أسمع الطرب و أنواع من الشعر و الطرب الحساني والتارقي فيقول هذا أكيد أنه شخص كثير ملأ الرأس خاصة أنه كاتب رغم أني والحمد للّه لم أفعل ذلك وأتمنى من اللّه أن يجيرني...

جمعنا كل شيء خاصة مهملاتنا وضعناها بأكياس و أخذنا معنا لنرميها في مكانها المخصص.

أسعدتني هذه الرحلة بشكل كبير جداً وكان لها تأثير كبير على نفسيتي وروحي خاصة أني أول مرة أزور مكاناً جميلاً في تندوف يسحر الألباب..

طريق العودة لم أحدثهم لأني نمت حاولت الإستراحة قليلا خاصة أننا دخلنا الولاية الثالثة صباحاً و في صباح اليوم التالي وجب أن أستيقظ باكراً لأعمل..

كانت هذه أول رحلة ومغامرة برية في فيافي تندوف التي أتمنى ألا تكون الأخيرة..

سررت كثيراً تعلمت تأملت إختليت بنفسي أيضاً غيرت الجو، عدت بكم هائل من المعلومات، رأيت مكاناً جديداً 

والكثير الكثير من الهدوء وهذا تماماً ما يلزم الكاتب 

أعتذر للإطالة ولكن كان واجب علي تدوين كل التفاصيل بدقة دون نسيان شيء منها... 



الكاتب الجزائري / ميموني علي يكتب "كنوز روحية في البرية.."


الكاتب الجزائري / ميموني علي يكتب "كنوز روحية في البرية.." 









Share To: