فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ"
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
"أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ".
لقد اختار الله رمضان من بين الشهور وميزه عن سائر الأشهر وذلك لعظيم فضله وكبير أجره ورفعة منزلته ويكفيه شرفاً وعظمة وفخراً أن الله سبحانه وتعالى أنزل فيه القرآن فكان أول القرآن نزولاً نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان يقول الله سبحانه وتعالى
﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾
[البقرة: 185]
وقال:
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾
[القدر: 1 - 3]
ويقول :
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾
[الدخان: 3]
وفي رمضان يكون الصيام الذي هو الركن الرابع من أركان الإسلام ورتب الشرع الحنيف عليه أكبر الأجور وأعظم الفضل والإنعام
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُونَ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةَ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ".
ويقول صلى الله عليه وسلم :
" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ".
ويقول صلى الله عليه وسلم :
" وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ "
ويقول عليه الصلاة والسلام :
"الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ".
وعند النسائي وأحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ أَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ : عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لاَ مِثْلَ لَهُ .
قَالَ : فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ لاَ يُرَى فِي بَيْتِهِ الدُّخَانُ نَهَارًا إِلاَّ إذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ .
يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾
[الأحزاب: 35]
علينا في رمضان بإتقان الصيام والاهتمام به والمحافظة عليه والحرص على تعلم أحكامه وتلمس فضله وتحقيق التقوى فيه والصبر عليه وكسر الشهوات وقمعها في نهاره وليله وخضوع النفس وانكسارها لله رب العالمين فيه .
فإن من صام بهذه الطريقة فقد حقق التقوى وحصل على أجر الصيام ولذته يقول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" .
علينا أن نكثر في رمضان من تلاوة القرآن وقراءته وتدبر آياته فإن الله قرن في الآية بين الصائمين والصائمات وبين الذاكرين الله كثيراً والذاكرات .
ونبينا صلى الله عليه وسلم أخبرنا في الحديث الصحيح :
" أَنَّ الصِّيَامَ وَالْقُرْآنَ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَقُولُ الصِّيَامُ : رَبِّ ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ ، وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ .
وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : رَبِّ ، مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ فَيَشْفَعَانِ " .
وعلى المسلم أن يحرص في رمضان تنويع العبادات والإكثار من تعدد الطاعات فلا يترك المسلم طاعة في رمضان يقدر عليها إلا عملها فإذا فتح له باب الصدقة تصدق وإذا فتح له باب الاعتكاف اعتكف وإذا وجد الفرصة لحضور جنازة حضر وإذا رأى منكراً نهى وغيّر وإذا نودي بالصلاة للقيام سارع وقام وإذا حانت أوقات الاستجابة بالدعاء رفع يديه إلى الله ومد أكف الضراعة إليه فإن للصائم دعوة لا ترد كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
[البقرة: 186]
احرصوا في رمضان على المحافظة على الصلاة والإكثار منها وصلاتها في الجماعة .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه :
" مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" .
ويقول عليه الصلاة والسلام :
" مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ" .
وصدق الله حينما قال :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
[البقرة: 183 - 185]
ففى شهر رمضان تفتح ابواب الجنه وتغلق ابواب النار .
روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ" .
ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَنَادَى مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ " .
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم أن مردة الجن والشياطين يقيدون في رمضان ويكبلون وفي آخر الحديث قال :
وينادي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ .
إن بعض الناس وللأسف الشديد يزداد شره في رمضان ويكثر عصيانه وفجوره في رمضان ويحل محل الشياطين التي تصفد وتقيد فنهاره نوم وخمول وليله سهر وتخزين وتفريط وضياع ولهو ومعاكسات.
علينا جميعاً أن نحرص على استغلال رمضان فإنما هو فرصة لا يمكن أبداً أن تقدر بثمن وله فضل عظيم وأجر كبير لن نشعر به إلا في يوم نحتاج فيه إلى المزيد من الحسنات ونتمنى فيه المزيد من الأجر والفضل .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
[المنافقون: 9 - 11]
يقول أبوسَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَعَرَفَ حُدُودَهُ وَتَحَفَّظَ مِمَّا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَفَّظَ فِيهِ ، كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ .
ويقول صلى الله عليه وسلم :
" الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ" .
ويقول صلى الله عليه وسلم :
" وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ ، وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" .
فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ"
Post A Comment: