الكاتبة التونسية مرام جبري تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "اجهاض"



 

تقول جارتي:

- تزوجت بعد قصة حبّ دامت ستّ سنوات، كنت أشكي من بعض الأمراض ممّا جعل أطبّائي يخبروني بأن لا أمل في الانجاب، لم يكن زوجي يشعرني بشيء من قبيل ندمه على هذا الزواج، كان يخبرني أنها مشيئة المولى وأننا تزوجنا عن حب حتى لو لم ننجب أبناء، كان أعظم إنتصاراتنا أننا تحدينا الصعاب وكل الظروف معا لنصل إلى ما نحن عليه الآن، كان يعاملني وكأنني إبنته لست مجرّد زوجة.

بعد أيام تدهورت صحّتي قليلا فلجأت إلى طبيبي، لم أصدق حملي حتًى أني أجريت إختبار الحمل ثلاث مرّات لأتأكد، حمدت الله على هذه النعمة وعلى كلمة أمي التي سأسمعها لأول مرة. فرحتي لم تضاهي فرحة زوجي  حين سمع هذا الخبر، قضينا الأشهر الأولى حبّا وفرحا فقصة حبنا ستتوّج أخيرا بملود، وحيد والداه.

في الشهر الثالث من حملي كثرت هواجسي وأحلامي المرعبة، أستيقظ ليلا أصرخ ثم أرتمي في أحضان زوجي وأنام، أصبحت أخاف كثيرا وانا التي كنت أخطو إلا الأمام ماحية من قاموسي كلمة الخوف، أصبحت أذبل يوما بعد يوم كالوردة التي نساها صاحبها فلا زوّدها بالماء ولا إعتنى بها، إنقلبت حياتي رأسا على عقب ومقتت زوجي وصرت أهرب منه أغلب الوقت، أنام وأصحو على صورة أخته، شبحي المخيف، تتصل بي ليلا من أرقام لا أعرفها وتتفوّه بكلام غير مفهوم ممّا زاد في خوفي وأصبح الرعب لا يفارقني إضافة إلى رسائلها البريدية الحاملة لصورتي وصورة زوجي وكلام غير مفهوم مرّة أخرى. وفي المدّة الأخيرة في كل ركن من بيتي أجد حروز لا تحصى ولا تعدّ، هددتني بأشياء أكثر من هذه إذا أخبرت أخاها عن مكائدها.

في تلك الليلة السوداء أجهضت إبني، أملي الوحيد، خسرته بعد صراع شديد مع الموت في غرفة العمليات، أصبت بنزيف حادّ وأهدر كثيرا من الدم مما جعل حالتي تسوء أكثر، لا أذكر سواء السكين الحاد على مستوى بطني من قبل أخته بعدها أغلقت عيني للأبد ولم تفتح إلا بعد العمليّة، تأسف طبيبي لأنه لم يستطع أن ينقذ إبني.

أتعلمين يا عزيزتي بعد أن خسرت فلذة كبدي أصبحت أرى أخته عدوّتي اللّدودة إلى هذا اليوم.

حقّا لن أسامح أمام خالقي، تلك الإنسانة التي تسببت لي في خسارة كبرى.



الكاتبة التونسية مرام جبري تكتب قصة قصيرة تحت عنوان "اجهاض" 




Share To: