الكاتب المغربي / عاطف معاوية يكتب : رسائل لا تحتاج لطوابع أو ساعي بريد، (الرسالة37)

.

.

الكاتب المغربي / عاطف معاوية يكتب : رسائل لا تحتاج لطوابع أو ساعي بريد، (الرسالة37)



في العزاء، حياة أبدية


ماذا أقول لك أيتها المرأة التي تنصبني رجلا على قمة قلبها، صمت رهيب وصوت واحد يتردد في أذني صوت يخترقني ويقف في منتصف حنجرتي لأتذوقه مرات ومرات ..

صوت لا يقبل خطأ مطبعيا ولا خطأ لغويا، صوت يسكنني وأنا طفل، أهذا صوت أم سلاح !


يكاد المرء يقف عاجزا عن البكاء، لأنه لا يستطيع، لا يستطيع البكاء ولا الحركة لا يستطيع القفز بالكلمات التي تجمعت بداخل فمه، كنت عاجزا عن الحكي عن البكاء وأنا أقرأ خبر موت شيرين أبو عاقلة، أدركت أن خطورة الكلمة والصوت أكبر من السلاح.

مخيف هذا الصمت التي أشعر به كلما تذكرت صورتها وصوتها الواقف على تفاصيل تلك الأيام التي لن تنسى

"هنا فلسطين المحتلة"..


تتكاثر أعداد الشهداء والخطأ واحد عقل إرهابي صهيوني يقتل أبناء وطن آمنوا بالوطن وَقضية بتفاصيلها وحسها السليم والصحيح في الدفاع عن الأرض وعن مجد الأنبياء ورسالة الزيتون عن سلام السماء والشهداء .

نتساءل كما سنبقى نتساءل إلى أين تتجه شائعة قيام دولة في دولة ،وكيف لنا أن نزرع صاروخا في مكان الزيتون !

لا يمكن هذا، لأننا مؤمنون أن لا وجود لدولة أخرى داخل فلسطين؛ فلسطين هي الأرض والأرض فلسطين..


لا أحد كان قادرا على الصراخ في وجه هذا القاتل لكن الجميع كان قادرا عن طرح أسئلة لا معنى لها، الجميع تقمص دور الإله وأصبح يملك عصاهُ الموسومة بالرحمة والمغفرة. الحديث عن الرحمة والمغفرة أسقط الكثير في الجهل والجهل ميزة مجتمعات عربية لا تحصى.

تورط الكل في أمر ليس بيده بأمر لا يعرف أصوله ولا حدوده الجغرافية والمعنوية ولا حدوده العقلية

لكن في الحين نسوا مشكلتنا التي تكبر يوما عن يوم من ينتشل فلسطين من قاع بئر الدم والإغتصاب من ينتشل شعبا وَذاكرة من النسيان ؟


لا أسيطر على الكلمات كما لا أسيطر على التفكير في هذه المفارقات الساخرة التي يطلقوها الغرب عن قضية إنسانية قبل كل شيء قضية شعب يتحول كل يوم إلى أشلاء .. 

هي ذاكرة جماعية تموت على يد صهاينة يقتلون الأبرياء.


تقول شيرين: "ليس سهلًا أن أغيّر الواقع، لكنّني على الأقلّ كنتُ قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم."

من يستوعب تاريخ أصوات عديدة قتلت كنكتة تحكى، من يستوعب تاريخنا وتلك الأسئلة التي تلاحقنا نحن من أحب فلسطين وصدق أنبياءها 

من الشعراء والكّتاب والروائيين .. لا أحد قادر على المرور من لحظة البداية لسؤال واحد لا أكثر، سؤال بعيد من قبضة الرصاص والدم، من أصحابُ هذه الأرض الأولى !؟

لا أحد .. لا أحد يا شيرين قادرا على السؤال على تحويل صوتك إلى نشيد وطني نشيد يشير إلى حدود الأرض تاريخيا وجغرافيا إلى زمن الحب والحنين وزهور الريف الأولى 

لا أحد كان قادرا سواكِ على نسج أخبار بإيقاع الحاضر الغائب والماضي الحاضر والمستقبل المكشوف بامتداد الحنين فيه، لا أحد يستطيع قتلك بداخلنا، بداخلها هذه الأرض التي ارتطمت بقلوب تنسى كثيرا هويتنا والتي لا تفرق بين وجع التحديد تحديد هذا السؤال الذي يسكننا بقبضة من حديد، وبين نسيان الذاكرة، الذاكرة التي كتبها غسان كنفاني ودرويش والبرغوثي وسميح القاسم وناجي العلي والعديد من الذين اعتبروا هذا الوطن حقيقة لا حلما !

يطل الفجر كما يطل صوتك المغروس بداخلنا على داخل الزمن فينا ليخبرنا أننا جميعاً نتواطأ مع هذا الصمت والسلاح والعنف والقتل حيث نسكت في وسط الحرب لنتذكر أن من عادتنا نحن العرب الصمت وقراءة فناجين الصباح وانتظار حقيقتها التي تتأخر كما تأخرنا نحن اليوم في سباق ما يسمى بالبداية بالأفق الإنساني / المستقبل.


وأما أنا الآن يا شيرين فإنني أقرأ صوتك من أذني وأنا أعيدهُ مشاهدةً من اليوتوب لأخاطب بجنون من له الحق في أن يرتدي زيّ الإنسان المناضل زيّ استحضار الموت قبل الحياة موت من أجل كرامتنا وأرضنا ذلك الذي يتحمل عذاب أجدادنا الذين حاربوا العدو بكل قوتهم ..

وأما أنا يا شيرين فإنني أخاطب كل القادمين أنه في يوم من الأيام كانت هناك أرض تسمى فلسطين تحارب العالم من أجل لقمة أرضها وبحرها من أجل كرامة أمة ماتت قبل عنوان النهاية بقليل، والآن أقول لك سلاما لك ولصوتك الذي بداخلنا، صوتك الحي، هنا فلسطين هنا أرضنا المحتلة ..


حاضرنا رصاصة وماضينا صوتك، فلتستريح أحلامنا 

المتعبة من حاضرنا المؤلم ..! 

سلام عليك يا شيرين سلام عليك.


عاطف معاوية

الخميس 19 ماي 2022، الرنكون.






Share To: