الكاتب اليمني / حافظ فواز يكتب "الموت العبثي" 


الكاتب اليمني / حافظ فواز يكتب "الموت العبثي"


أنا مخلوق ضعيف، مصنوع من طين وأحلام، اريد ان افتح عيني وأراها أمامي، اريد مبررً واحدًا لأستمر على قيد الحياة، انا هنا اتحمل المشهد اليومي المرعب للظلم، للمرض، للموت، عقلي يسحبني نحو هاويةٍ مظلمة وقلبي يسحقني بلا انقطاع.


أنا لستُ المذنب فمازلت اكافح حتى يبقى رأسي مرفوعًا امام الآخرين. لكن الخيبات تأتي دائمًا على سجاد فرشناه لاستقبال السعادة، الخيبات تأتي فترمي بنا من قمة الثقة الى قعر مظلمٍ ظالمٍ ليسحق ماتبقى من عزيمة واصرار.


لكل شيء نهاية يستبدها الزمان، يتلاعب بمشاعرنا لتتحول بين ليلة وضحاها الى صخرٍ أصمٍ أسودٍ صلب، نعيش المشهد الغرامي على جثث القتلى في الحروب ونوثق لحظات الحب بدم الشهداء، العيارات والطائرات تسحق البشر حتى لانجد قطعة واحدة منهم نبكي عليها ونرثى لها، هذا الموت العبثي الذي نعيشه وهذه الصرخات التي نسمعها والدموع التي نذرفها ايضًا عبثية.


أنا ايضًا اريد الموت بشكل سيء حتى لايتبقى من جسدي قطعة لحم واحدة، اريد الموت وأنا سعيد وفي قلبي حب كبير ، اريد الموت في الصحراء او في الجبال وأنا على أمل وعزيمة بأن هناك من ينتظرني، أنا لست مجنونًا ولم اتذوق النبيذ في حياتي حتى اقول هذا الكلام، لكني مكسورٌ من الداخل، محطم كهذا الوطن، ذابلٌ كأشجار الخريف، أنام على خيبة وأفيق على أُخرى، العيش في هذا الإنكسار اصبح مقيتًا لا أقوى عليه بعد الآن.


هذا الخراب الذي خلفه الحرب يمكن ترميمه ولو بعد حين، لكن خراب الروح سيء سيء لايمكن ترميمه مهما حاولنا جاهدين، هذه الخيبات التي لم نتوقعها  انفجرت كقنبلة نووية على حين غرة منا فأبادت كل شوق، كل أمل، كل سعادة، اصبحنا كتربة مالحة لاتصلح لترميم هذا الدمار، 

من المذنب وإلى أين سيقودنا القدر؟ هل هناك دمار أكثر مما نعيشه يا الله؟ 

لم يعد لنا ملجأ في الوطن، لم يعد لنا ملجأ وأمل في البشر 

فالوطن شردنا والبشر خيبوا أملنا فيهم، اذن لم يعد لنا مكان سوى الموت

الموت ولا شيء سواه.




الكاتب اليمني / حافظ فواز يكتب "الموت العبثي"



Share To: