حديث الجمعة | القدوة الحسنة 50 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف 




أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن بعض ما اختص الله به  رسوله صلى الله عليه وسلم :-

 عن مواصلة العبادة بعد رمضان واليوم بإذن الله تعالى أحدثك عن رحمته بالبشرية جميعا فضلاً عن رحمته بأمته وذلك لما حدث فى الأيام القليلة الماضية التى حيث  حدث فيها التعدى الظالم الجائر من أعداء الدين والوطن والإنسانية على جنودنا البواسل فى الأيام المباركة ممن لا قلب لهم ولا دين ولا احترام للأيام المباركة وللأسف تكرر هذا الأمر مع خيرة أجناد الأرض الذين يحرسون البلاد والحدود

سائلاً المولى عز وجل لأولئك الشهداء صحبة الأنبياء وجوار السعداء وأن يتولى أهلهم وأسرهم وذويهم وأن يجمعهم بهم على خير يوم اللقاء بجاه سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم 

حرمة الدماء فى شريعة الإسلام 

فإن من الأسس العظيمة التى قام عليها التشريع الإسلامي تحقيق مصالح العباد جميعاً والحفاظ عليهم ، من أجل ذلك كانت الضروريات الخمس التى أوصت الشريعة بالحفاظ عليها ورعايتها وهى حفظ الدين ، وحفظ النفس ، وحفظ العرض ، وحفظ المال , وحفظ النسل ، ومن حفظ النفس حفظ الدماء  أن تهدر وتسفك بغير حق فى هذه الأيام التى نرى فيها سفك الدماء بالليل والنهار من أجل تعصب حزبي ، ومن أجل الصراع على المناصب والسلطات ، فيقتل بسبب ذلك خلق كثير .

من أجل ذلك كان لابد من إرشاد الجميع إلى خطورة هذا الأمر وذلك من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .

 أولاً: حرمة الدماء فى القرآن الكريم :

قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)النساء٩٣

وقال تعالى فى صفات عباد الرحمن : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا(٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (٧٠))الفرقان

وقال تعالى:( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢)المائدة

 قال مجاهد رحمه الله: من قتل نفسا محرمة يصلى النار بقتلها كما يصلاها لو قتل الناس جميعا ومن أحياها أي من سلم من قتلها فكأنما سلم من قتل الناس جميعا .

 وقال قتادة رحمه الله: أعظم الله أجرها وأعظم وزرها أي من قتل مسلما ظلما فكأنما قتل الناس جميعا في الإثم لأنهم لا يسلمون منه ومن أحياها وتورع عن قتلها فكأنما أحيا الناس جميعا في الثواب لسلامتهم منه.

 وقال الحسن رحمه الله: فكأنما قتل الناس جميعا أى أنه يجب عليه من القصاص ما يجب عليه لو قتل الكل ومن أحياها أي عفا عمن له عليه قود فكأنما أحيا الناس جميعا( الزواجر عن إقتراف الكبائر) 

 ثانياً: حرمة الدماء فى السنة النبوية :

.عن عبد الله بن عمر ، قال : " إن من ورطات الأمور ، التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها ، سفك الدم الحرام بغير حله "رواه البخارى

وعن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب ، هذا قتلنى، فيقول الله له : لم قتلته ؟ فيقول : قتلته لتكون العزة لك ، فيقول : فإنها لي . ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : إن هذا قتلنى، فيقول الله له : لم قتلته ؟ فيقول : لتكون العزة لفلان ، فيقول : إنها ليست لفلان فيبوء بإثمه"

 السنن الصغرى

وعن أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذى نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدرى القاتل في أى شيء قتل ، ولا يدرى المقتول على أى شيء قتل "رواه مسلم

وعن يزيد الرقاشي قال : حدثنا أبو الحكم البجلى ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري ، وأبا هريرة يذكران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " " لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار "سنن الترمذى

 وانظروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يؤسس لنا قواعد حقوق الإنسان فى الإسلام فى هذا الحديث العظيم والخطبة النبوية الجامعة فى حجة الوداع فى الحديث الذى أخرجه البخارى فى صحيحه  عن ابن عباس رضى الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال : " يا أيها الناس أى يوم هذا ؟ " ، قالوا : يوم حرام ، قال : " فأي بلد هذا ؟ " ، قالوا : بلد حرام ، قال : " فأي شهر هذا ؟ " ، قالوا : شهر حرام " ، قال : " فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا " ، فأعادها مرارا ، ثم رفع رأسه فقال : " اللهم هل بلغت ، اللهم هل بلغت - قال ابن عباس رضى الله عنهما : فو الذى نفسي بيده ، إنها لوصيته إلى أمته ، فليبلغ الشاهد الغائب ، لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض "رواه البخارى 

 حرمة دماء غير المسلم فى الشريعة الإسلامية

من عظمة الشريعة الإسلامية أن حرمة الدماء ليست قاصرة على المسلمين فحسب بل تشمل كذلك غير المسلمين من المعاهدين والذميين والمسـتأمنين حرم الإسلام الاعتداء عليهم وذلك فى أحاديث كثيرة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم منها:

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما "رواه البخارى

وعن أبي بكرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل معاهدا في غير كنهه ، حرم الله عليه الجنة"  سنن الدارمى

 وعن عبد الله بن عمرو  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما "

السنن الكبرى للنسائى

كانت هذه بعض الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على حرمة الدماء وكيف أن هذا الدين الإسلامي الحنيف حافظ عليها من أن تسفك بغير حق وأهيب بكل من تسول له نفسه التعدى على خلق الله أن يضع هذه الآيات القرآنية والآحاديث النبوية فى قرارة قلبه وضميره وليعلم أن العبد بنيان الله ملعون من هدم بنيان الله عز وجل 

نسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه اللهم آمين.



حديث الجمعة | القدوة الحسنة 50 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف 





Share To: