فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "فضل الزواج وثمراته"
الزواج شرع للحفاظ على النوع الإنساني ، وقد خلقه الله لاستمرار الحياة البشرية ، فجعل اتصال الرجل بالمرأة اتصالًا كريمًا مبنيًّا على طلبه ورضاها .
والزواج كما شرعه الإسلام سنة دينية ، وضرورة اجتماعية، يتوقَّف عليها بقاء النوع الإنساني واستمرار الحياة .
وقد رغَّب الإسلام في الزواج، ولفت الأنظار إلى ثمراته المرجوَّة وأهدافه النبي صلى الله عليه وسلملة .
فقال تعالى :
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾
[النحل: 72]
وقال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
[الروم: 21]
وارتضاه الله لأنبيائه ورسله
فقال تعالى :
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾
[الرعد: 38]
وتزوَّج النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر على من رفض الزواج تعبُّدًا وقال:
أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغِب عن سنتي فليس مني .
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة الصالحة خير متاع الدنيا فقال :
الدنيا متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة .
وجعل المرأة خير متاع الدنيا ، فكأنه جعل المرأة خير وأفضل ما للرجل في الدنيا .
وعدَّ الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة الصالحة من أسباب سعادة الإنسان فقال :
من سعادة ابن آدم ثلاثة ، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة :
#من سعادة ابن آدم :
المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح .
#ومن شقوة ابن آدم :
المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء .
ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ امْرَأَةً صَالِحَةً ، فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي الشَّطْرِ الثَّانِي .
والزواج أمر فطري تقتضيه طبيعة الأشياء في تكاثرها وتوالدها .
قال تعالى:
﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾
[الذاريات: 49]
والمرأة الصالحة هي خير ما يحصل عليه المؤمن بعد تقوى الله .
🌴وفي الحديث :
ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرًا له من زوجة صالحة ، إن أمرها أطاعته ، وإن نظر إليها سرَّته ، وإن أقسم عليها أبرته ، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله .
وإنما حضَّ الإسلام على النكاح ورغَّب فيه لما له من آثار نافعة تعود على الفرد نفسه، وعلى الأسرة والأمة جميعًا .
🌲فمن ثمرات الزواج وغاياته :
#إنجاب الأولاد وتكثير النسل مع المحافظة على الأنساب ، وإبقاء النوع الذي يعمر الأرض ويعبد الله ، وفي كثرة النسل من المصالح الدينية والدنيوية ما يجعل المسلم حريصًا عليه راغبًا فيه .
#مباهاة النبي الأمم والأنبياء يوم القيامة :
ففي الحديث :
تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ الأَنْبِيَاءَ بِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ .
#الانتفاع بدعاء الولد الصالح بعد الوفاة وفي الحديث :
إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ .
#دخول الجنة ومرافقة النبي فيها، عند إحسانه تربية البنات، وتنشئتهن على قيم الإسلام وفضائله .
وفي الحديث:
مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ .
#الرغبة في إبقاء ذكره وتخليد اسمه :
وفي الحديث عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لَا يَدَعْ أَحَدُكُمْ طَلَبَ الْوَلَدِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ، انْقَطَعَ اسْمُهُ .
#الحرص على النجاة من النار ودخول الجنة، إذا مات أحدُ أولاده واحتسبهم عند الله تعالى وصبر وفي الحديث :
مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ، لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ أَوْ دَخَلَ الجَنَّةَ .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي :
أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا فَوَعَظَهُنَّ وَقَالَ :
أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ، كَانُوا حِجَابًا مِنَ النَّارِ ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: وَاثْنَانِ .
فالأولاد الذين ماتوا يشفعون لآبائهم يوم القيامة ويدخلونهم الجنة، بشرط أن يصبروا ويحتسبوا .
#التقرُّب إلى الله تعالى بالإنفاق على الزوجة والأولاد :
وفي الحديث عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
أَفْضَلُ الدِّينَارِ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى عِيَالِه .
#تقوية الصلات والروابط بين العائلات والقبائل بما يحدثه الزواج من صلات اجتماعية .
والمجتمع المترابط المتماسك المتحابُّ هو المجتمع القوي السعيد الذي ينشده الإسلام ويحرص على تكوينه .
#تحصيل الغنى عن طريق الزواج :
والزواج هو أحد أسباب الحصول على المال
قال تعالى :
﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
[النور: 32]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ .
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال :
"أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى:
﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
[النور: 32]
وقال ابن مسعود رضي الله عنه:
التمسوا الغنى في النكاح .
▪️وجعل بينهم مودة ورحمة
من آيات الله عز وجل أن خلق للناس من أنفسهم أزواجا ليسكنوا إليها وجعل بينهم مودة ورحمة .
#ورزقهم من أزواجهم بنين وحفدة قال تعالى
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ
(النحل:72)
#وقال تعالى
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
الروم:21
#لقد دعا سبحانه وتعالى عباده إلى الزواج في مواطن عديدة من كتابه الكريم .
فمن ذلك قوله تعالى :
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع
#وقوله تعالى :
وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم
#وقوله تعالى :
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
#وقوله تعالى :
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات .
#وتحدث عن أنبيائه ورسله وهم قدوة البشرية :
ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية
#وحث النبى صلى الله عليه وسلم على الزواج والترغيب فيه .
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء .
متفق عليه .
#وعندما علِم النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض شباب الصحابة هموا ترك الزواج تفرغاً للعبادة فغضب وخطب الناس وقال :
ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني .
متفق عليه
#وعن أنس بن مالك قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديداً ويقول :
تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة
رواه أحمد
#وعن أبى أمامة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ولا تكونوا كرهبانية النصارى .
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى.
#ولهذا من أسباب حصول الرزق ونزول البركة الزواج .
قال تعالى :
وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "
[النور: 32]
#وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«ثلاثة على الله عونهم»
وذكر منهم
«الناكح يريد العفاف»
رواه الترمذي
#والزواجُ كما قلنا من سُّنة الأنبياء والمُرسَلين .
قال الله تعالى :
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً
الرعد: 38
#وقال تعالى في صفات المؤمنين:
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
[الفرقان: 74]
#ويُشرعُ أن يتخيَّر الزوجُ الزوجةَ الصالِحةَ بالخُلُق والدين وحُسن المنبَت .
لقوله صلى الله عليه وسلم :
تُنكَحُ المرأةُ لأربع : لمالِها ولحسَبِها ولجمالِها ولدينها ، فاظفَر بذاتِ الدِّين ترِبَت يداك .
رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
#وأن تختارَ المرأةُ ذا الدين والخُلُق .
ففي الحديث :
سألَ رجُلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله! من أُزوِّجُ ابنَتي ؟
فقال : زوِّجها تقِيًّا ، إن أحبَّها أكرمَها وإن كرِهَها لم يظلِمها .
#أسأل الله بأن يبارك لكما زواجكما ، ويكرمكم في ذريتكم ويرزقكم السعادة والخير كله .
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما على خير .
جعل الله أيامكم أيام فرح وسرورومنح السعادة لداركم .
وبارك لكم فى حياتكم بكل خير ورحمة ومودة .
وأسال الله أن يرزقكم الفرحة والسعادة مدى الحياة .
بارك الله في عقد زواجكما وجمعنا الله وإياكم في مثل هذا الفرح طوال العمر .
وأدام الله فرحكم وفرحنا بكم بكل الخير .
مبارك للعروسين .
Post A Comment: