الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد


الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد


تجربة مختلفة.. ربما لأنها محملة بالرسائل الخاصة والتي تمتاز بالجرأة والخروج عن المألوف، وتأتي متشربةً للنكهة العراقية بين التاريخ العظيم والواقع الأليم وتقدمه على طبقٍ من ذهب بأسلوب ٍفني ذكي وربما ساخر، يكسر النمطية السائدة حتى في الجنون، ولربما هذا هو ما يجعلها تسير في اتجاه ٍلا يسير فيه الكثيرون من حيث تعدد الخيارات والأفكار لكنها ما صنعت خطاً ميز بصمات الفنان العراقي جلال علوان..


فدخولك إلى عالمه هو بمثابة تذكرة سفر إلى عالم ٍ واسع من الحكايات الممزوجة بتفاصيل معاصرة وصادمة ومحزنة لتكون حالةً سوريالية مكتملة الأركان، فكم التناقضات الجميلة في لوحاته يجعلك دائما ً في حالة توقع للا متوقع بين كرنڤالٍ من الألوان والوجوه والحالات المتأرجحة بين الحقيقة والخيال في مشهدٍ عبثي لا يختلف عن الواقع الذي يعيشه العراق وتعيشه مختلف الدول العربية تحت مسمياتٍ عديدة تقود إلى نفس النتيجة، والغريب في أعمال فناننا هو جمعها للمتناقضات بشكلٍ دائم، فهي سمةٌ أساسية فيها وليست تفصيلاً عابراً يمكن تخطيه أو التغاضي عنه، ونرى أن حضور الألوان وتوظيفها مبهرٌ وسارقٌ للعين ويلفت الإنتباه بسهولةٍ وبشكلٍ مستمر بكل خفة، كما أنه من الملحوظ في أعمال الفنان هي تلك المسحة الساخرة رغم رصانة الفكرة وجرأتها مع أنها قد تكون أقرب إلى الأجواء الإحتفالية أو الشبيهة بالسيرك، ليبرز ويعكس من خلالها حالة الرتابة والكآبة والإحباط والملل بسبب الظروف الراهنة، والتي تنعكس على مختلف جوانب الحياة فتربطها ببعضها، وإن بدت للناس متباعدة حتى في اللحظات التي قد تجمع أي ثنائي أو أي أسرة أو مجموعة في مساء كل يوم، فتصل إلى المتلقي تلك الحالة المتشبعة بعلامات الإستسلام والإستفهام وغياب الشغف والتي تعبر بصدقٍ وواقعية عن حال المواطن العراقي والعربي حالياً..


ولا يغيب عن المشهد مطلقاً تداعيات الحروب الأليمة والإحتلال الأمريكي الغاشم للعراق، فنراها تغلف بإحكام مختلف التفاصيل حتى الشخصية منها لتؤكد أن الإحتلال لا يدمر الأرض والحضارة فقط بل ينهش الإنسان والإنسانية من الداخل، ويثقب القلوب فيجعلها عاجزةً عن الحب والسعادة، وبرغم أن الإسقاطات السياسية والحس النقدي الساخر للأحداث وانعكاسها على المجتمع، إلا أن السخرية نجدها في بعض أعمال الفنان مرتبطةً بالقهر والحزن، ونجدها في البعض الآخر شكلاً من أشكال التنوع والإبداع وتسليط الضوء على ظواهر اجتماعية وحالة الفوضى التي تعيشها فتمزج بين الإنسان والحيوان، أو تمزج أحياناً رموزاً قتالية بما يشبه قد يشبه الشخصيات الكارتونية ليؤكد على البعد الهزلي والعبثي للواقع والأشبه بالسيرك وأحياناً بالمفهوم التقليدي (غير الدقيق) للمصحات العقلية، فنرى انفلات الأسلحة والأعيرة النارية وتطاير الدخان للتدليل على خطورة الفتن والأخبار الزائفة التي قد تفجر الوضع في أي لحظة نتيجة ً لغياب الوعي، خاصةً عندما نلاحظ استحضار فكرة الغياب والموت وبعض تفاصيل العزاء أو الألم في أكثر من عمل، ونستطيع تمييز حالة اليأس والضياع أحياناً على وجوه الكثير من الشخصيات حتى أمام النيران والخطر وتهديد الموت لإعتيادها عليه وكونه لا يشكل جديداً أو شيئاً يستحق الإهتمام أو التوقف عنده من وجهة نظرها التي نراها في أعمال فناننا، ولكونها لم تعد ترغب بأن ترى أو تفهم أي شيء بعد كل ما رأته..


ونستطيع القول بأن هناك نوعاً من استدعاء الذاكرة الخفي للأمس بهدف مقارنته بالحاضر، والذي يشار إلى العديد من أزماته وسماته من خلال رمزيات الهجرة والطيران والحواجز أو الأسلحة أو براميل النفط أو الصراع والمشاجرات المستمرة، كما نجد محاولة تعزيز مفهوم المساواة بين الناس من خلال تبادل الأدوار بشكل ذكي ورمزي، فنجد في أعمال جلال علوان أن الطاولة مثلاً قد يتوسطها حجر وكأن العقول تحجرت ووصل الحوار بينها إلى طريقٍ مسدود، وكثيراً ما تتحول إلى قيدٍ مفروض على الجميع في إشارة إلى تدهور العلاقات الإنسانية التي تزداد تباعداً، والذي نراه أيضاً في رمزية السرير الممتلىء بالحجارة أو السرير المتجمد وكأنه يشير إلى غياب المشاعر وبرودها، ونجد أيضاً أن الحزن لا يستثني أحداً فيقف الجميع عاجزاً أمامه من خلال رسم العديد من الشخصيات بجسدٍ غير مكتمل، وتبدو هناك حالةٌ من الإنفصال الكامل بين الشخصيات ومحيطها وكأن كل الأحداث التي مر بها العراق ومعظم بلادنا والتي يعيش كلٌ منها أشجانه عززت النزعة الفردية وجعلت الإنسان يفكر بخلاصه بعيداً عن أي تفكير في الآخرين، كما نرى في العديد من أعمال جلال علوان غياباً للرؤوس في إشارةً إلى غياب الوعي والسعي الأعمى نحو الهروب بأي شكلٍ كان وكأن استخدام العقل أصبح عملةً نادرة، وبرغم كل انعكاسات هذه النتائج وتجليها في الواقع العراقي إلا أن هناك إشارات ٍ إلى أحوالٍ مشابهة في العالم العربي وحتى دول العالم خصوصاً في ما يتعلق بقضية اللاجئين، والتي تؤكد على الخط الذي رسمه الفنان جلال علوان لنفسه منذ البداية والذي يقف إلى جانب الإنسان وقضاياه بطريقته الفنية الخاصة، والتي تمتاز بالجنون والجرأة والتنوع والقدرة على جمع المتناقضات بين الماضي والحاضر ومزجها بأسلوب ٍ مميز يشبهه ويستطيع أن يقدم من خلاله أفكاره ورسائله إلى الجمهور كموهبةٍ عراقية جديرةٍ بالتقدير والإهتمام، وتثبت أن بلداً هاماً كالعراق ساهم في تصدير الحضارة والثقافة والعلوم والفنون وحتى الأساطير لا زال قادراً من خلال أبنائه على صنع المزيد منها وإبهار العالم بها..


الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد

الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد



الكاتب الصحفي الأردني الفلسطيني / خالد جهاد يكتب : جلال علوان.. الأساطير لم تنتهي بعد




Share To: