الكاتبة السودانية /  انعام عوض شريف تكتب نصًا تحت عنوان "ليتني زليخة"


 

الكاتبة السودانية /  انعام عوض شريف تكتب نصًا تحت عنوان "ليتني زليخة"

 

أرجوحتي التي طالما لعبت بها في الصغر، أصبحت فارغةً مني تمامًا كقلبه الذي أصبح خاويًا وكأني ما أتيت قط، ومن بعيد بِتُّ أراقبه. الجميل في الأمر أني أتقبل عدم مبالاته بي إن بقيت أو رحلت.


الجميع يتغير كالفصولِ الأربعة، حتى أنتَ لا تبقى كما كنت في العشرين سنة الماضية، ولا مقعدي أنا سيتحمل ازدياد وزني فينكسر أو ضعفي فأنزلق.


علينا التوقف عن مقابلة رغبات التغير المفاجئة كإعصارٍ يعاند السفينة غضباً لأنها أبت أن تكون العروس. الجليل في الأمر أننا نسقط عُنفنا الرفضي على الطرف الآخر مثل: "لماذا تركتني انتظرك كل هذا؟" أو "كيف هان عليك الرحيل هكذا!" 

دون النظر لأنفسنا وأخطائنا التي حقت على كبريائنا الكثير فجعلتنا صغاراً في أعيننا أن كل ما فعلناه دون فائدة وبتنا سخرية أمام من راهنّا له على الاستمرارية، وعُوملنا بقسوة ورأينا نظرات مثيرة للشفقة لما بدونا عليه.


عدم مواجهة فشلنا في الحفاظ على شيء رغبنا في وجوده بشدة هو بالنسبة لنا أكبر هزائمنا التي مهما بلغنا من التجاوز ستعيدنا إلى نقطة الصفر، ما أن تداهمنا الذكريات كرائحة عطرٍ أو طريق أو ربما صدفة لقاء في أحد الأماكن بغتة. هنا تكمن التحديات التي نعرف بها حقيقة أنفسنا. 


فأنت يا حبيبي وإن كنت تتلاشى من بين يدي ستبقى حقيقتي الوحيدة التي لا يمكنني إنكارها!

وستبقى كل أغاني الحزينة التي لن تأخذ مجهوداً لإبكائي.

وأنا سأبقى كذبة نفسي أني سأتخطى،

ولكن ها أنا الآن أمام قلة حيلتي أكتب لعّلي أشفى 

وأي كاتبٍ لم يلقَ حتفه بين كلماته! جميعنا تخنقنا الحروف وتلتف حول أعناقنا، فلا خيانة أشد وطئاً من الذي تركك تهذي الليل خوفا ب"متى يحين موتي؟"

أحتاج الموت لأرى كم سيتحسر عليّ فراقاً، ذاك الفراق الأبدي الذي لا يمكنه فيه أن يمسك بيديّ ليخبرني كم أنه يحبني ويريد عودتي، لأهز رأسي مجيبة عليه أن "أجل"... أجل لحبي وأجل لراحتي وأجل لاطمئناني وأجل لسعادتي.

 

أنا رغم صغر سني داهمني الخريف مبكراً، وبدوت عجوزاً ذات خرائطً ترسم للتائهين عن محبيهم طريق العودة، ولو رأيتموه قبل بلوغي عتياً لشختم معي حزناً. فليتني حواء ليجدني آدم وليتني زليخة لأبلغ من هذا الحب نصيباً.



الكاتبة السودانية / انعام عوض شريف تكتب نصًا تحت عنوان "ليتني زليخة" 



Share To: