الكاتبة المغربية / فوزية مسجيد تكتب قصة قصيرة تحت عنوان قصة قصيرة تحت عنوان "حمام الأحد" 




 موعد حمام الأحد كان حاسما غير قابل للتأجيل ... تعد أمي العدة و تجهز كل ما يسلتزمه طقس الحمام السبت ليلا... لتعلن حالة الاستنفار القصوى بمشارف الصباح...كانت رحلة وجودية  لا تقبل التذمر....نسير الواحد خلف الآخر كفيلق عسكر... أو سرب حجل ...يرافقنا بها كلبنا الوفي شديد الوفاء..مثقن الحراسة...يداهمنا العياء فنعلنها ثورة من أجل الراحة ... يرق قلب الأم بشكل حثمي....لكن سرعان ما نسمع جملتها الحاسمة هيا لقد تأخرنا...

نتسابق نحوها بطفولية نحو الحمام....نصل فنجد أنفسنا ضمن طابور أشبه بباب جمارك...لكن صاحبته كانت جمركية بمنتهى اللطف تسمح لنا نحن الصغار بالمرور المجاني...تقابلها أمي بابتسامة ...فندخل لذلك العالم الغائم...ندوب به مصدرين أصواتا لنكتشف  بصداها  وجودنا كمغامرة لا نتنازل عنها....تقوم أمي بتجميع ثيابنا ...ندخل بخطى بطيئة نترصد لمكان شاغر نرتمي به بكل ثعبنا... وبعين المرأة المغربية الثاقبة تجد أمي ذلك المكان....نصطف به فتشرع بفركنا و تمشيط خصلات شعرنا ...نبالغ بالصراخ علها ترأف من حالنا....لكن حنانها وقلبها السخي...لا يكفيان فهي تعتبر تحميمنا  مهمة قومية تستلزم منها الإتقان والأمانة... أمام كثافة الضباب ولسعات الحمام  الساخنة...تسمح لنا بفسحة إستراحة مع الوعيد بعدم تجاوز الوقت المحدد بالتصريح الشفوي الصادر عنها ....

قائلة لا تتأخرن عن الصابون...  

نقصد صالة تغيير الملابس...نشفط كل الاوكسجين بأعيننا ونفتح افواهنا طاردين الدخان..نجلس تحديدا قرب فاطمة صاحبة الحمام وحارسته... نمد سمعنا لما يجمعها من حديث و النساء المسترخيات...عن صرامة الأزواج... العقم ... الإنجاب...عناد الأبناء...الحب ومواضيع أخرى سرية للغاية... لكن ما إن  تنتبه لنا حثى تطردنا شر طردة.. وهي تردد هيا إلى الداخل...نعود مهزومين من الحياء... لكن مبتسمين  لما جمعناه من كومات أسرار وحكايات الكبار ... 

ينصهر صوتها وصوت أمي عالية الحدس...فتعيدنا إلى طقس الصابون...نخرج منه سالمين محاطين بفقاعات عطرة.... مع افراغ سطل ماء غير معتدل السخونة فوق رؤوسنا بفخر المنتصرين بالحرب ضد الأوساخ ...فنعود للصالة المفضلة... نلبس ونسترق النظر لمطبات المستحمات خصوصا انزلاق إحداهن...نضحك كبر البحر ووسع السماء... قطعة خبز و برتقالة كانتا نهاية قصة الحمام السعيدة... نلتهمهما بشراسة...ونستعد لرحلة العودة مع إفشاء كل أسرار الصالة للطريق...بعد مرورنا من فرن الخبز الشعبي وشراء بضع حبات بذور الشمس...وفرصة للتلصص على رائحة الخبز المطهو بإغراء مع سبق الإصرار... 


الكاتبة المغربية / فوزية مسجيد تكتب قصة قصيرة تحت عنوان قصة قصيرة تحت عنوان "حمام الأحد"


الكاتبة المغربية / فوزية مسجيد تكتب قصة قصيرة تحت عنوان قصة قصيرة تحت عنوان "حمام الأحد" 





Share To: