الأديب المصري / إبراهيم الديب يكتب : اقتباس من فصل كتبته عن عباس العقاد من كتاب بعنوان " تراثنا الفكري ومفكرو عصر الاحياء "



اقتباس من فصل كتبته عن عباس العقاد من كتاب بعنوان " تراثنا الفكري ومفكرو عصر الاحياء " وأن أنته بعد من الإنتهاء من كتابته..


الاقتباس..


كانت نظرة العقاد لتراثنا الفكري والحضاري بعد أن تمثل فكر الاستنارة الغربي , أنه حريص على أن يبرز أوجه التماثل والتشابه بينهما، وخاصة الموروث العقلاني الاعتزالي والفلسفي أيضاً المتمثل في الكندي والفارابي وابن سينا حتى نصل لابن رشد الذي ترجمته وتمثلته أوربا وكان أحد أسباب نهضتها ، تراثنا الساطع لمقارنته  بنظيره  الغربي الحداثي: من باب بضاعتنا وردت إلينا وأن لنا السبق الحضاري أيضاً في رسالة ضمنية لا شك أنه :نوع من الاحتماء بالتراث أمام عقدة النقص التي يشعر بها مثقفي الأطراف الذين يدورون حول المركز، المتمثل في أوربا وحضارتها، كانت وجهة نظر الغرب للأطراف جميعاً ولكل ما هو ليس غربي  

كانت النقطة الثانية أن العقاد لم يأخذ الفكر الغربي  من منطلق التسليم والإعجاب المطلق دون مناقشة، بل يقبل منه ما يتفق مع قيمنا قياسا على فترة الترجمة من الفكر اليوناني في عصر الحضارة العربية الإسلامية، فهو لا يقل ثقافة وهضم وتمثل للفكر الغربي عن اللذين قاموا بالترجمة في الماضي ، بل وكتابة وشرحا ونقدا وتقييما له ، فلم يقبل منه ما يتعارض مع هويتنا الثقافية وخصوصيتها الحضارية ولكنه فكان كما ذكرت من قبل يبحث عن النظائر بين التراثين الغربي وموروثنا الفكري العقلاني في عملية تبرير من أجل قبول الآخر الذي بشبهنا ، ومن أجل إثبات السبق لنا في إبراز النظائر بينهما.


في نفس الوقت الذي كان العقاد يقوم بهذا الدور، وهو نقل فكر الحداثة والاستنارة الغربية ليصبح جزء من نسيج ثقافتنا تجمع بينهما وشيجة متضافرة، وليست ثقافتين متجاورتين لا تنفذ كل منهما لقلب الأخرى تضيف لها قبل أن تأخذ منها، حتى يكتسب المثقف معيار بعد تمثله معيار يعمق نظرته للحياة حتى تصبح نظرته أوسع ،و أرحب ،يبني بهذه الثقافة تصورا جديداً للحياة والكون.


 كان هناك  من مفكرو عصر الاحياء من يطالب بالارتماء في حضن الغرب وتقليدهم بالكلية نأكل كما يأكلون ونشرب كما يشربون ونكتب من الشمال لليمين متسائلين أليسوا هؤلاء من يملكون كل مفاتيح الحضارة  وأدواتها فطالما هم من تسيدوا الدنيا ووصلوا لقمتها يقودون بها البشرية، فماذا نبحث ونكد الذهن في تراثنا عن منهاج فكري ننطلق من للغد فهؤلاء من مفكري الغرب كفونا كل ذلك، لم يغب عن ذهن العقاد الذي رفض هذه القاصرة للغرب والتراث في أن حتى أنها قعدت بهم، فكانوا لا يمثلون شريحة يعتد بها من الجماهير كانوا أقرب للشذوذ منهم للقاعدة، اختار  العقاد المزج بين الثقافتين وهو محق في كان يريد لهذه النظرية أن تكون مجرى الفكر العريض في ثقافتنا ....كان  العقاد يدرك  خطورة  مسعى نظرية  التغريب التي تفضيلا محالة للانسلاخ من الهوية الثقافية والخصوصية والذوبان في الغير لتفقد بذلك هويتنا ونصبح بعدها مسخا حضارياً تتجاذبه الأطراف فلا نحن أبقينا على هويتنا الثقافية ولا أصبحنا غربا .


أما أصحاب الوقفة الثالثة من التراث فكانت نظرة للمحافظين والجامدون على معرفتهم اللذين يتشككون في كل جديد وافد ينظرون له بعين الريبة والاتهام ويعتبره الكثير منهم بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، فهم دائما وابدا يتدثرون بالماضي يحتمون ويستدعونه ثم يصطفوا خلفه، عندما تكون هناك مواجهة للوافد، ولما لا فبداخله تراثهم وتاريخ ابائهم وعزهم ومجدهم وحضارتهم التي سادت الدنيا في القرون الوسطي كان يرى أصحاب هذه النظرية وهذا الموقف من التراث أنه لابد لبعث الماضي  وإسقاطه على الحاضر لأن الماضي الذي ما زال له الحضور ويتاصب الحاضر العداء في محاولة لاقصائه ليكون بديلا عنه .






Share To: