الأديب التونسي / أ. المختار عيادي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "شوك و شوق" 


الأديب التونسي / أ. المختار عيادي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "شوك و شوق"


كعادة اهل البادية ، لا تشرق شمس الصباحات عليهم، نياما .. كذا كان دأب عائلة العم سليمان و هي تتلمس خيوط الفجر داخل الحقل المترامي ، مستأنسة بصدى المناجل تداعب رقاب السنابل ، منتعشة بنسمات ندية  تنبئ بهجير الساعات المقبلة ..فيتجهز لها الجميع بالنفير و صحوة الضمير.

لم يكن الإفطار سوى طحين قمح مخلوط ببعض الماء  و الزيت يتناولونه على عجل ، في انتظار أن تلتحق الحاجة مبروكة حاملة على رأسها قصعة من العصيدة الممرغة في اللبن و في يدها مواعين الشاي المعطر بروائح الشيح و الاكليل و الزعتر الجبلي..

لم يكن صابر ابن العم سليمان متمرسا في مواجهة الزرع الاشهب ، فقد كان يتابع دراسته في المدينة  ، و أيامه مع أهله كانت تقتصر على العطل ،  لذلك كانوا يستثنونه من مشقة الابكار و يفردونه بلذيذ الإفطار ، حارة من البيض و صحن من رحيق الأزهار ،، يبتلعها بتأن ثم يسير إلى الجماعة بعد أن رش العطر على ثيابه ..

كالضيف يشيع السلام و يجلس القرفصاء إلى موقد الشاي المحفور في الأرض، متوجسا من ملامسة التراب .. يراقب الحركة الحثيثة و يتأمل حيوية والده السبعيني ، و هو يزحف على ركبتيه غير مكترث لنبات الشوك و لا لحبات الحصى الحادة تخدش جلده المترهل، محتضنا سيول الشوق إلى البيدر المكتنز تجرشه الدواب و تذريه السواعد السمراء ، ليمتلئ المطمور خيرا يفي بقية ايام العام و تبنا يكوم ، قوتا للانعام.



الأديب التونسي / أ. المختار عيادي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "شوك و شوق" 


Share To: