الكاتبة السودانية / أسماء أبوالسعود تكتب نصًا تحت عنوان "بكاء القلب"
تلوح في الأفق أحزان طالت القلب، ماعاد لبكاء العين نفع، تخنقني قصات قاسية جداً، قاسية لايتحملها أحد لكنني فعلت.
لا متنفس، لا أحد أفرغ غضبي عليه،المكان خالي ومكتظ في آن معًا، مكتظ بالغرباء، ليس لي أحد بينهم، كلُ في همه.
الآن.. لا الصراخ ينفعني، ولا صوتي يريد الخروج أصلًا لأصرخ.
لو كان بكاءًا لبكيت لكنه أكثر.
أصبحت الأيام كئيبة، مملة، باهتة جدًا.
ذهابًا إلى محطة الحافلات، وإيابًا بخفي حنين، الجلوس أمام أشجار الرمان، سماع أصوات العصافير صباحًا.
أخبرتها ما بي فغادرت، حقًا لا أحد يريدك حين تنطفئ اضوائك.
أصبحت لوحدي..
إبتعدت أجفاني عن بعضها، و صعب إلتقائها ثانية.
كما لو أن الحزن لم يجد قلب غير هذا الذي داخلي ليسكنه،
كسرتُ اظفري الذي أحببته كثيرًا، لكنِ لم اتأثر، لم ابكِ، لم أقمْ الحداد عليه، فقط تألمت سرًا.
كسرت شاشة هاتفي، أصبحت مهشمة، أيضاً لم أقمْ الحداد عليها، فقط واصلت إستخدامها هكذا، لتذكرني كلما رأيتها أني الآن مثلها، وتألمت سرًا مجددًا.
تركت روحي لدى أحدهم، وأيضاً لم أقمْ الحداد عليها، فلتبقى، هنا أو هناك لا يهم الأمر سيان. وأسَرْتُها في داخلي وتألمت سرًا.
جثة متحركة..
مع جزء تركه الليل حول عينيّ، وبؤبؤ متسع عله يرى الضوء فتدب فيه الحياة.
وخطى متثاقلة، مترنحة، وتخبط دائم مستمر، كما لو أن الأرض انشغلت فقط بجذب كتلة جسدي أنا، ونسيت الباقين عليها.
حطمت المرآة، التي كنت أقضي ساعات امامها، لكي لا أراني بهذه الحال، أنا الآن لا أعرف من أكون.
تائهة وسط الحضور..
لا هذه الحياة حياتي، ولا هذا المكان مكاني، ولا هذه الأنا أنا.
لمَ التكبر والغرور ومكابدت العناء؟
أما كان أهون عليّ لو تخلصت من روحي قبل أن يحدث ماحدث؟!
الآن لا معبر إلى بر الأمان..
لا جسور عودة..
ولا اطواق نجاة..
غرقتْ.
إما النجاة-وهذا مستحيل-أو الموت.
خياران أقربهما يبعد عن الحياة.
ضممت قلبي لأُسكِته، لكن انفجر باكيًا، متألمًا، وأنتهى بي المطاف طريحة فراش بغرفة مستشفى نفسي إلى أن يشاء الله.
بكاء القلب..
لا ندركه إلا بعد فوات الأوان، إلا بعد تمكنه منا وجعل كل لحظاتنا بكاءًا.
لا يبكي القلب وحده، إنها عدة لحظات، مواقف، كلمات،عبرات وقصات، أسرناها داخلنا ولم نخرجها، فتكت به وتكالبت عليه ونهشته فبكى.
أجل بكى القلب مما به.
أسوأ أنواع البكاء على الإطلاق بكاء القلب.
الكاتبة السودانية / أسماء أبوالسعود تكتب نصًا تحت عنوان "بكاء القلب"
Post A Comment: