فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "البركة في الوقت والعمر" 




ورد بسند صحيح ان سيدنا عثمان قرأ القرآن كله في ركعة واحدة وفي ليلة واحدة .


قال الإمام النووي : 


" إن الذين ورد عنهم ختم القرآن في ركعة لا يُحصَون لكثرتهم " .


فليست المسألة محصورة في سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وختم القرآن يستغرق نحو عشر ساعات ممن تعوَّد لسانه على التلاوة والتكرار والإتقان ، فلا غرابة في هذا خصوصا في ليالي الشتاء .


هذا إذا حسبنا الموضوع بالساعات والأجزاء وإلا فتلك الأمور لا تحسب هكذا فقط ، فنحن نؤمن بأن الله يبارك في الأوقات لمن شاء ، وينشر الزمان ويطويه لمن شاء ونؤمن بكرامات الأولياء .


فلا يستبعد أن يمكِّن الله من شاء من عباده الصالحين من ختم القرآن في ركعة ، ومن ختمه مرتين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك في اليوم والليلة .


وليس هذا في تلاوة القرآن فحسب ، بل في أمور أخرى ، والله يبارك لمن شاء في حيواتهم عموما ويمكِّنهم في أعمار قصيرة من أعمال تقصر دونها الأعمار الطويلة ، وليس ذلك صعبا أو مستحيلا على قدرة الله وفضله ، ولا هو مستحيل الوقوع في عادات الناس .


قال تاج الدين السبكي رحمه الله في الطبقات :


" اتَّفَقَ النَّقَلة على أن عمْر الشافعيِّ رحمه الله لا يفى بعشْر ما أَبرزَه مِن التصانيف مع ما يَثبت عنه مِن تلاوة القرآن كل يوم ختمة بالتدبر ، وفى رمضان كل يوم ختمتين كذلك ، واشتغاله بالدرس والفتاوى والذِّكْر والفِكر والأمراض التى كانت تعتوره بحيث لم يَخْلُ رضى الله عنه مِن علة أو علتين أو أكثر، وربما اجتمع فيه ثلاثون مرضا .


وكذلك إمام الحرمين أبو المعالي الجويني رحمه الله حُسِب عمره وما صنَّفَه مع ما كان يُلقيه على الطَّلَبة ، ويُذَكِّر به فى مجالس التذكير فوُجِدَ لا يَفِي به وقرأ بعضهم ثمانى ختمات فى اليوم الواحد .


وأمثال هذا كثير .


وهذا الإمام الربانى الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله وزِّع عمره على تصانيفه فوُجِد أنه لو كان يَنسخها فقط لمَا كفاها ذلك العمر، فضلا عن كونه يُصنِّفها ، فضلا عما كان يضمه إليها من أنواع العبادات وغيرها .


وهذا الشيخ الإمام الوالد رحمه الله " يعني والده العلامة التقي السبكي رحمهما الله " إذا حُسِب ما كتبه مِن التصانيف مع ما كان يواظِبه مِن العبادات ويُمليه مِن الفوائد ويَذكره فى الدروس مِن العلوم ويكتبه على الفتاوى ويتلوه من القرآن ويشتغل به مِن المحاكمات عُرِفَ أن عمره قطعا لا يَفي بثلث ذلك .


 فسبحان مَن يبارك لهم .


قال ابن تيمية رحمه الله في الواسطية : 


" أهل السُّنَّة والجماعة يؤمنون بما تواترت به نصوص الكتاب والسنة ، ودلَّتْ عليه الوقائع قديماً وحديثاً مِن وقوع كراماتٍ لأولياء الله تعالى المُتَّبعين لهدي نبيهم ﷺ ، وهم مع ذلك يُفَرقون بين الآية والمعجزة للنبي، والكرامة للوليّ ، والسحر والشعوذة للسحرة وأتباع الشياطين" .


وفي الأحوال العادية لا يختم الإنسان القرآن في أقل من ثلاث .


وفي الحديث : 


" لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث " .


قال الإمام الترمذي :


 قال بعض أهل العلم : 


لا يقرأ القرآن في أقل مِن ثلاث ، للحديث الذي روي عن النبي ﷺ ، ورخَّص فيه بعض أهل العلم .


ورُويَ عن عثمان بن عفان رضي الله عنه :


أنه كان يقرأ القرآن في ركعة يوتر بها .


وروي عن سعيد بن جبير رضى الله عنه :


 أنه قرأ القرآن في ركعة في الكعبة ، والترتيل في القراءة أحبُّ إلى أهل العلم .


و فعل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه لا يعارض  الحديث .


قال الإمام ابن رجب رحمه الله :


إنما ورد النَّهيُ عن قراءة القرآن في أقل مِن ثلاث على المداومة على ذلك ، فأمَّا في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يُطلَب فيها ليلة القدر أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها : 


فيستحب الإكثار فيها مِن تلاوة القرآن اغتِنامًا للزمان والمكان .


ذكر الإمام النووي أحوالا كهذه لبعض الصالحين ثم عقَّب عليها بقوله :


لا ينبغي لمُطالِعه أن يُنكِر هذه الأحرف في أحوال هؤلاء الذين تستنزل الرحمة بذكرهم ، مستطيلا لها فذلك مِن علامة عدم فلاحه إن دام عليه والله يُوفِّقنا لطاعته بفضله ومِنَّتِه .



فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف يكتب "البركة في الوقت والعمر" 



Share To: