الأديب المغربي / عبد الرزاق الصادقي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الفتاة المفترى عليها"
إليكم إخواني هذه القصة القصيرة لفتاة مظلومة تعرفونها عندما تقرؤون قصتها.
الفتاة المفترى عليها
في بلدة نائية معروف أهلها بحب الخُلف، والسير نحو الخَلف، ولدت فتاة من أبوين أصيلين، مشهورين بالطهارة والنقاء، والنظافة والصفاء، لكن ما إن أطل نجم هذه الفتاة الطاهرة البريئة حتى بادرها أعداء الفضيلة ومحبو البلبلة بالبغض والشنآن متهمين إياها بأنها مقطوعة الأصل والنسب، دنيئة الشرف والحسب، وولادتها إن كانت من الأم فليست من ذلك الأب، لكن أبويها ظلا متمسكين بالدفاع عن شرفها رغم قلة المدافعين، وندرة المناصرين، فكان النصر حليفهما،والعز أليفهما، إذ ما إن أشهرا مواجهة الأعداء، من أجل كسر شوكتهم، وإخماد نار تهمتهم حتى لاذ صوت العدا بالخفوت، مقرين بألا سبيل لهم غير السكوت، ثم إن أهلها أرادوا تسميتها فقام من كان عدوا لها باختلاق الأسماء المنافية لطبيعتها لكن اقترح أهلها أن تسمى (حقيقة) ، نظرا لأن أصولها حقيقية، بشهادة كل ذي طبع سوي ورأي قوي، فحق لها أن تفخر بذلك الاسم، وأن تعتز بذلك الوسم، فكان به القطع والحسم، ورجع عن غيه كل خصم، وظلت حقيقة في حضن أبويها، عزيزة كريمة، رغم المآسي التي تعترض طريقها بين الفينة والأخرى، نظرا لقلة من يهتم بأمرها، وكثرة من يحاول قتلها والتخلص منها، وإذا ما شعرت حقيقة بضعف أو هوان كان لها أبواها نعم السند، ويوما بعد يوم يظهر من يحمل لواءها، ويبرز سناءها، فهي جميلة فائقة الجمال، وشريفة حازت كل أوصاف البهاء وشيم الجلال، وقد ظل أهلها منصورين، وبات أعداؤها مقهورين، وكلما نامت حقيقة ظن اعداؤها أنها فارقت الحياة ، فتهافتوا عبر قنواتهم ووسائلهم المسموعة والمرئية والمكتوبة مدعين أنها لفظت أنفاسها الأخيرة، وليس لأهلها من عتاد أو ذخيرة، لكن سرعان ما تستيقظ حقيقة فتظهر كذبتهم، فينقلبون على أعقابهم خاسئين خاسرين، وفي سبيل المكر والخداع سائرين، وتستمر الأيام وتتوالى الشهور والأعوام ويتساقط المناوئون لحقيقة واحدا تلو الآخر، لكن حقيقةَ طويلة القامة مرفوعة الهامة، تنادي بأعلى صوتها لا سبيل لكم إلي، وأبواي قد وعداني ووعدهما لا مرية فيه بالاستمرار وطول البقاء، ودوام الارتقاء، فالقوة في اصلي وفصلي، وأن من رام خذلاني فهو منكسر مقهور، ومن رام عزي فهو عزيز منصور، إياكم يا أعدائي أن تظنوا أن اهلي لقلة عددهم سينهزمون، أو لضعف عدتهم سيتقهقرون، كلا، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين.
Post A Comment: