حديث الجمعة | القدوة الحسنة 55 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف


حديث الجمعة | القدوة الحسنة 55 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف


أيها القارئ الكريم حدثتك فى الجمعة الماضية عن القدوة الحسنة المتمثلة فى أعظم مخلوق تشرف به الوجود صلى الله عليه وسلم 

واليوم بإذن الله تعالى وامتثالًا للحملة الدعوية التى أطلقها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف( لتسكنوا إليها) والتيسير فى الزواج وعدم المغالاة فى المهور

أستأذن الحبيب للسير على الطريق راجياً من الله العون والتوفيق 

الزواج في الإسلام، وكيف ضرب الرسول – صلوات الله عليه – خير نموذج فى عدم المغالاه والتكلفة والتيسير في نفقات الزواج؟

٠يقول الله تعالى في سورة الروم (أية: ٢١): {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.

فالزواج هو الرباط المقدس الذى جعله الله تعالى سكنا للزوجين، قائم أساسا على التراحم والمودة والحب، وقد حث نبى الله – عليه الصلاة والسلام – على الزواج ونصح به، وأكد على ذلك في الكثير من أحاديثه الشريفة:

فعن أبي حاتم المزنى عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد قالوا يا رسول الله وإن كان فيه قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات) – صحيح الترمذى.

وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه -: (إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتق الله في النصف الباقى) – صحيح الجامع.

التيسير فى المهور

وقد ضرب رسول الله – صلوات الله عليه – خير نموذج فى التيسير 

يروى سهل بن سعد الساعدى – رضي الله عنه – : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنى وهبت منك نفسى، فقامت طويلا، فقال رجل: زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، قال: هل عندك من شيء تصدقها؟ قال: ما عندى إلا إزارى، فقال: إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا، فقال ما أجد شيئا، فقال: التمس ولو خاتما من حديد، فلم يجد، فقال: أمعك من القرآن شيء؟ قال: نعم سورة كذا، لسور سماها، فقال: زوجناكها بما معك من القرآن) - صحيح البخارى.

وأفضل النساء من سهُل مهرُها وتيسرت خطبتتها فعن عائشةَ-رَضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(إن من يُمن المرأة تيسير خِطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها) رواه أحمد فى مسنده وفى المسند أيضاً( إنّ أعظم النكاح بركة ً أيسره مؤنة). 

أما المغالاة فى المهور فهى تتسبب فى تعطيل الشباب عن الزواج وعنوسة البنات وتمحق بركة الزواج  وتتسبب فى ارتكاب الديون والمشاكل الزوجية بسبب الديون المستحقة والنكد المستديم مما يؤدى إلى خراب البيوت نجانا الله وإياكم من الخراب والشتات 

مهر السيدة فاطمة بنت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - ٤٨٠ درهما !

ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع نموذج على التيسير عند زواج ابنته السيدة فاطمة الزهراء – رضي الله عنها – المحببة إلى قلبه لم يطلب الكثير، فقد كان مهر السيدة فاطمة الزهراء – رضى الله عنها – ابنة أفضل خلق الله سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – عندما تزوجت من سيدنا علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -، ٤٨٠ درهما ثمن درع سيدنا عليّ كان قد أهداه إليه رسول الله – صلوات الله عليه - يوم بدر، فقد باعه ليمهرها، واشتراه منه سيدنا عثمان بن عفان – رضى الله عنه – بهذا الثمن.

فهو مهر بسيط ويسير وقليل، حيث ابتاع بنصف المهر روائح وعطورا للسيدة فاطمة وابتاعت بعض الحاجات بالنصف الآخر، وكان جهازها خميلة ووسادة من أدم حشوُها ليف، ورحاءين، وسقاء، وجرتين، وفقا لما جاء في كتاب (مؤمنات خالدات) لخنساء حسن النعيم.

"وفي يوم زواجهما قدم النبى لأصحابه طبقا مليئا بالتمر لأصحابه وضيوفه الكرام، وفي ليلة البناء كان سيدنا علي – رضى الله عنه – قد وفق إلى استجئار منزل خاص يستقبل فيه عروسه الزهراء – رضى الله عنها – بعد تجهيزها، وما كان حشو فراشهما ووسائدهما إلا الليف"، وفقا لما جاء في (مؤمنات خالدات) – المصدر السابق ذكره.

          رسالة لكل أب وولى أمر

فزواج السيدة فاطمة الزهراء – رضى الله عنها – وسيدنا علي – رضى الله عنه - كان خير مثال على عدم المغالاة والتكلف.

يشار إلى أن الشيخ الشحات عزازي إمام وخطيب مسجد السيدة نفسية في حلقة سابقة من برنامج (والذين معه) الذي يذاع على قناة الناس الفضائية كان قد وجه رسالة للأباء من خلال موقف زواج علي بن أبي طالب من فاطمة الزهراء – رضي الله عنه قائلا-: "إذا كان هناك شاب أنت تعلم أخلاقه وتعلم أدبه، وكل يرغب في هذا الشاب ليكون زوجا لابنته لصلاحه، فليس هناك ما يمنع أن تخفف عنه"، مشيرا إلى أن النبى – صلى الله عليه وسلم- يرسى مبدأ لكل والد كيف يتخير الزوج الصالح لابنته حتى ولو تغاضى عن أمور كثيرة يقف عندها الناس، فمهر بنت رسول الله- سيدة نساء العالمين- درع لا تساوى دراهم معدودة.!وهذا غيض من فيض وقليل من كثير مما جاء فى سنة البشير النذير فهل يرقى لهذا الاقتداء أحد ممن ينتسبون لهذا الدين ابتغاء وجه الله عزوجل والوصول إلى عفة أبنائنا من البنات والبنين.



حديث الجمعة | القدوة الحسنة 55 بقلم فضيلة الشيخ أنور توفيق موجه الوعظ بالأزهر الشريف





Share To: