الكاتبة الصحافية المصرية / خلود أيمن تكتب مقالًا تحت عنوان ( سُعار القوى المادية ) :
إثر عَقْد الإنسان المعاصر تلك المقارنات مع الغرب وما وصلوا إليه من تقدم تكنولوجي وما يتبعه من التقليل من شأن حضارته و تاريخه بل ودينه في بعض الأحيان معتقداً أن هناك فارقاً كبيراً بين الدين والعلم رغم أن الدين شامل لكل العلوم التي يَعُج بها المجتمع من حين لآخر فهو يناقش القضايا ككل وليس مقتصراً على أمر بعينه كسائر العلوم المقتضبة التي تبحث في القشور فقط دون التوغل في العلم ، فقد هويته التي تُميِّزه عن غيره من الأمم التي لا تملك ما تفخر به أو يمنحها كياناً مختلفاً ، وهذا من وجهة نظري فقد للذات بالتدريج وإنكار لدور الدين في حياة الإنسان الذي لولاه لفقد الكثير من المعاني وتاهت منه القيم وانحرفت سلوكياته ، فلقد صار يسعى للحصول على المادة أكثر من أي أمر في الحياة وكأن تلك القوة المادية صارت الغاية وليست الوسيلة التي يحقق بها ما يبغاه ، فلقد تغيرت المفاهيم لديه وصار يعيث في الأرض فساداً ولا يدرك الهدف من حياته على الإطلاق ، فكل ما بالكون من موجودات ومقومات قد وُجدَت لمساعدة الإنسان على الوصول لغاياته ولم تكن يوماً الغاية في حد ذاتها التي تُمكِّنه من السيطرة على العالم بأكمله بل وتدميره أيضاً إنْ أساء استخدام تلك القوى المادية ولم يضعها في موضعها السليم الذي يجعل الإفادة تَعُم على الجميع دون التعرض لأي خسائر أو هزائم بأي صورة كانت ، فهي لن تُوصِّله لدرجة الأمان الذي يتوهم أنه يستمده منها في ظل افتقاده له على مر العصور بفعل انقياده وراء الأمور المادية وكأنه صار ذليلاً أو عبداً لها مع أنه يمكنه الاستفادة منها بشتى الطرق دون أنْ تتحول لشخص يتحكم في حياته بداعٍ وبدون داعٍ ، يضغط عليه ، يحركه كيفما شاء ، كرئيس يتحكم في مرؤوسه دون أنْ يأخذ مشورته أو رأيه في مختلف الأمور وكأنه مُسيَّر لا يملك أي تمييز أو وعي أو تفكر أو عقل من الأساس ، فلقد طغت على حياته وسيطرت على عقله بشكل مبالغ واهماً أنها ستجعله يسود العالم ، ظناً منه أن امتلاكه لتلك القوى هو ما يجلب له السعادة والراحة والاستقرار وليست وسيلة شقاء إنْ زادت عن الحد المعقول ، فكلما استحوذ على أي منها صار يلهث ويركض وراء المزيد حتى وإنْ لم يكن في حاجة إليها ولكنه يسعى لإرضاء غروره و إثبات أنه وصل لدرجة الثراء التي تُمكِّنه من اقتناء أي شيء مهما كان باهظاً وكأن أصابه الجشع والنهم والشراهة بل السُعار وراءها دون جدوى فلم يعد قادراً على التوقف عن هذا الأمر ، فلا بد أنْ يقف الإنسان مع ذاته ويحدد الغاية من حياته ويدرك الفارق الكبير بين المصطلحات حتى لا يودي بحياته لمسار غير مرغوب وكأنه وصل لحائط مسدود لا خلاص منه بذلك السعي الغير منتهي وراء المادة التي سوف تتبدد وتتلاشى بمرور الوقت وظهور الأحدث منها ، فيجب أنْ يبقى على علم بأن غرضها الوحيد هو تيسير حياته و تذليل الصعاب وتوفير متطلباته بشكل أسرع ويحاول الانتفاع منها بقدر الإمكان كي يحقق ما يصبو إليه ويصل لما يتمناه ، فلنكف عن تلك العادة السلبية قبل أنْ تصبح المادة نمطاً لحياتنا ، ونصير خاضعين لها ، دون القدرة على التمييز بين ما هو مُجدٍ وما هو سفيه ولنتفكر في التخلص منها بالقدر المستطاع ...
الكاتبة الصحافية المصرية / خلود أيمن تكتب مقالًا تحت عنوان ( سُعار القوى المادية )
Post A Comment: