الكاتب السوداني / أحمد سليمان أبكر يكتب مقالًا تحت عنوان "القيادة القدوة"
القيادة لغة:مأخوذة من (قود)،القَود نقيض السَّوقن يقود الدابَّة من أَمامها ويَسوقها من خلفها، فالقود من أَمام والسَّوق من خلف.
القيادة في الاصطلاح:هي عملية تحريك الناس نحو الهدف لتحقيقه.
القدوة في اللغة:مأخوذة من الفعل (قدا)، ويُعرف بعدة معانٍ لغوية منها: الأصل والأساس:القَدْوُ: أَصل البناء الذي يتشعب منه تصريف الِاقْتِدَاءِ،والقدوة أيضا: التقدم والسبق؛ يقال: فلان لا يقاديه أحد ولا يماديه أحد ولا يباريه، والقدوة هي الاعتدال وعدم الانحراف: مر فلان يتقدى بفرسه؛ أي: يلزم به سنن السيرة.فيتضح من خلال ما تقدم من معان لغوية أن القدوة تطلق ويراد بها أمرٌ واحد يعبر عنه بألفاظ مختلفة، وهذا الأمر هو الاقتداء بمعنى الاتباع، ويعبر عنه بالأصل، والأساس، فهو أصل يُهتدى بفعله وقوله، وهو متقدم دائمًا في غير انحراف، أو اعوجاج، ويدل عليه سيرته الحسنة.
القدوة في الاصطلاح:هي الاقتداءبالغير ومتابعته والتأسي به،والمقتدى به هو: من كان مثالًا يُحتذَى به في أقواله وأفعاله، وتصرفاته.وخير مثال للقيادة القدوة(الأسوة) هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه المولى سبحانه وتعالى:( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)(الآية 21من سورة الأحزاب).
تظــل القـــيم والمثل العليا مجرد حقائق،لا تأثير لها ولا فائدة حتى
تتحول إلى نموذج عملي في حياة البشر،فتؤثر في تصرفاتهم وسلوكياتهم، وعاداتهم وتقاليدهم ولا يكون ذلك إلا من خلال القيادة القدوة،مما يعني أن القدوة أولى متطلبات القيادة، وأنه لابد للقائد أن يكون قدوة؛ لكي يسعى بأفراده، ومرؤوسيه نحو الهدف المنشود وهم أكثر ثقة في تحقيقه،وبذلك تتحقق القيادة القدوة ذات الروحٌ العاليةٌ التي تخفق في السماء خفوق النجم في سمائه، وتشرق في النفوس إشراق الشمس في دارتها؛ فتبعث العزيمة في قلب العاجز، والشجاعة في فؤاد الجبان، وتقوّم من الأخلاق معوجها، وتصلح من الآداب فاسدها، وتثبت من العقول مضطربها، وتعلم كل صغيرٍ وكبيرٍ وقويٍّ وضعيفٍ أنَّ قيمة المرء في حياته أداء واجبه للإنسانية أولًا، ولأمته ثانيًا، ولنفسه أخيرًا.
ختاما إنّ الشخصية القيادية الحقّة، هي التي تتمتّع بالتميّز والتفرّد هي الشخصية التي خطّ ملامحها ابن القيم الجوزية بقوله حين قال: طالبُ النفوذِ إلى الله والدار الآخرة، بل إلى كلِّ علمٍ وصناعةٍ ورئاسة،بحيث كون رأسًا في ذلك مقتدىً به، يحتاج: أن يكون شُجاعًا مِقدامًا، حاكِمًا على وهمه،غَير مقهور تحت سلطان تخيُّله،زاهدًا في كلِّ ما سوى مطلوبه،عاشقًا لما توجّه إليه،عارفًا بطريق الوصول إليه، والطرق القواطع عنه،مقدام الهمة،ثابت الجأش،لا يثنيه عن مطلوبه لوم لائمٍ، ولا عذل عاذلٍ،كثير السُّكون،دائم الفكر،غير مائلٍ مع لذة المدح، ولا ألم الذَّم،قائمًا بما يحتاج إليه من أسباب معونته،لا تستفزّه المعارضات،شعارهُ الصّبر وراحتهُ التَّعب،محبًّا لمكارم الأخلاق،حافظًا لوقته،لا يخالط الناس إلّا على حذرٍ؛ كالطائر الذي يلتقط الحبّ من بينهم،قائمًا على نفسه بالرغبة والرهبة،طامعًا في نتائج الاختصاص على بَني جِنسه،غير مرسل شيئًا من حواسّه عبثًا،ولا مسرِّحًا خواطره في مراتِبِ الكون.
***
الكاتب السوداني / أحمد سليمان أبكر يكتب مقالًا تحت عنوان "القيادة القدوة"
Post A Comment: