الكاتبة اللبنانية / دعاء قاسم منصور تكتب نصًا تحت عنوان "العصفور وإصابتي!" 


الكاتبة اللبنانية / دعاء قاسم منصور تكتب نصًا تحت عنوان "العصفور وإصابتي!"


  إليكَ خبر إصابة قدمي، ولكَ خيال تخمين كم بكيت وكم تألمت عند الحادثة، فمدللةٌ ورقيقةٌ أنا! طُحِنَت العظام وتقطعت الأوتار... كان كل هذا خوفاً على رحيل العصفور من بين يدي، خوفاً من خروجه من بين أحضاني وخوفاً من مفارقتي وتركي في الليالي المظلمة وحيدة بدون ونيس بعد أن اعتدنا إزاحة وشاح الليل عن الأرض سوياً، ونُلقي الصباح على كوكب الشمس، خوفاً من أن أستيقظ يوم وأركض نحوه لأرى شمسي الخاصة تشرق ولا أجده، وخوفاً من أن يسألني أحدهم أين هو عصفوركِ! تكون إجابتي شرود وتنهيدة ودمعة تُزرف وشفاهي تتلفظ لم يكن وفياً كنتُ أظنه يراني منزله لكنه لم ينظر لي يوماً سوى أني سِجنه الذي ينتظر الفرار منه... على الرغم من أنني حاولتُ إفلاته مراتٍ عديدة لكنه لم يختر الذهاب، اختار البقاء لمحاولة إبراز حسن ضيافته ليغدر بعدها ويذهب بعد تعرّيَه من ريشه!! كنت خائفةً كثيراً من طيرانه للخارج بعيداً عني ولا أستطع له سبيلاً مرّة أخرى، ومن فرط حبي له عُمِيَ على قلبي وعيناي وأغلقتُ الباب بكل ما لدي من قوة حب وتعلّق على قدمي ذو الأصابع الصغيرة والعظام الرقيقة! ناديتُ عصفوري فوراً، لم يُجيب على مناداتي، لم يكترث لبكائي وألمي، لم يسارع على التحليق فوق رأسي وتقبيله للتهدئة من روعي، لم يأتي معي إلى المستشفى ممسكاً بيدي، متقاسماً معي وجعي! رغم أنه هو المسبب لكل ما ذُكِر... ومع ذلك، لم يكن يستحق هذا، ولم يكن على قدر من المسؤولية، ولم يتحمل نتيجة خطئه حتى بعد الإصابة، فلم يقدم إعتذاراته لم يعوّض عليَّ حتى بزقزقةٍ... وأكثر من ذلكَ أنكر وتهرّب من المسؤولية، ووجد قفص آخر ارتمى به ضاحكاً ونسيَ نصف الحرية التي كنتُ أهِبُهُ إياها في السابق لكنه، حينها، تملّكه الطمع وسيطر على وجدانه فدفعه للتحوّل من عصفور بريء لِغُراب يُتلِف الفاكهة التي بين بيديه ويتراقص على جثث ضحاياه...




الكاتبة اللبنانية / دعاء قاسم منصور تكتب نصًا تحت عنوان "العصفور وإصابتي!" 



Share To: