الكاتب و القاص المغربي / عبد الله البقالي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الأبله و الحريق" 


الكاتب و القاص المغربي / عبد الله البقالي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "الأبله و الحريق"



لا أحد عرف متى جن سليمان ، و لا كيف تم ذلك . بل و لا يبدو أن هناك من العقلاء من اهتم بأمر إنسان منبوذ لا يسأل عنه أحد كسليمان .صورته تأبى مغادرة الذهن حتى لو شوهد ولو لمرة وحيدة . جسد ووجه نحيل . متوسط القامة ، لحية خفيفة متوسطة الطول . عينان واسعتان تفصح عن مزيج من مسالمة وفرح و لا مبالاة . بين ذقنه وشفتيه يلوح ما يشبه بركة مشكلة من اللعاب الذي يبلل دائما نصف سيجارته. يرتدي جلبابا ينزل إلى أسفل ركبتيه بقليل . لا يتحدث أبدا . لكنه دائم الابتسام .

في إحدى خلواته بالغابة المجاورة لقريته الصغيرة ، رمى مرة بعقب سيجارته. وحين اندلع حريق هائل بدأ ينظر إليه و يبتسم . و ظل محتفظا بالابتسامة ذاتها وهو ينظر إلى كثبان بشرية كانت و كأن الأرض تقذف بها فتهرول اتجاه الغابة. ابتسم أيضا حين أتى إلى بيته رجال الدرك و أمروه كي يمضي برفقتهم . و أومأ برأسه مجيبا بالإيجاب عن كل الأسئلة التي ألقيت عليه وهو يبتسم أيضا. ركب سليمان لأول مرة في حياته سيارة وهي تمضي به في وجهة لم يعرف عنها أي شئ. انبهر وهو يرى تلك المعالم المجهولة، لكنه لم يتخل عن ابتسامته . غير أن الصور الجميلة سرعان ما اختفت حين أودع مكانا تحيطه أسوار شاهقة، حشرت فيه أعداد هائلة من البشر .أنذاك اختفت ابتسامة سليمان الذي أحنى رأسه للأرض و لم يرفعه. 

سأله أحدهم ما بك يا سليمان ؟

رد سليمان : " اقناطنا. خصنا نمشيو بحالنا "  . 1

عقب الرجل : لكنك أحرقت الغابة و لن تغادر هذا المكان قبل أن تنهي مدة العقوبة. 

أجاب سليمان مندهشا: " اخلاااااص ما دكون عا انطفات ". 2


* العنوان الأصلي للقصة هو ابتسامة سليمان. و فضل الكاتب تغييره حتى يكتسب دلالة أكثر عمقا و وضوحا.

1-  معنى هذه العبارة الجبلية : لقد أحسست بالقنوط ، وجب مغادرة هذا السجن.

2 - معنى هذه العبارة: كفى هراء ، لا بد أن الحريق قد انطفئ.




Share To: