الأديب المغربي / عبدالله البقالي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "قبل الرواح"


الأديب المغربي / عبدالله البقالي يكتب قصة قصيرة تحت عنوان "قبل الرواح"

 


الأبواب تغلق بتبريرات شتى. تارة بلطف مع ابتسامة تختفي الفظاعة تحت رقتها، و أخرى مصحوبة بزمجرة و دوي كقصف الرعد. يستدير .يهيم على أرصفة الامنيات الجميلة المصادرة، و الاحلام الطفولية البعيدة. يمد خطى مثقلة بالياس قافلا في اتجاه الشارع.حفرة عميقة لم يتبين وجودها الا حين صار داخلها . بدأ يتسلق حوافيها. وفي كل مرة كان يقترب من ملامسة النسيم، كانت يد مبتورة من جسد غير مرئي تضغطه. يتقوقع داخلها. يستسلم. يتمدد. يغمض عينيه تمر بخياله لافتات مكتوبة بشتى الألوان. يتناهى لسمعه خطب مرصعة بأبهى الكلام. يتذكر المواكب القديمة التي صممت الأدراج التي تسلقتها أحلام خياله. 

يفتح عينيه ليرى أن الحياة ما هي الا رحلة موت بطيئة. والخواتم و الالواح السحرية تفقد مفعولها. و عصا موسى نفسها و التي لا يعرف من اي شجرة اجتثت، لم يعد لها الا معنى واحدا. اغتصاب جزء من الحياة. 

يتناهى اليه صوت الفقيه صارخا مزمجرا: ابحث عن نفسك قبل أن يدركك الرواح . 

أي وقت يتحدث عنه الفقيه و أي رواح؟ ثم ماذا يعتبره ؟ خروفا ؟ بغلا؟

كرهه للفقيه دفعه الى هناك لمعاكسة الرواح. انغمس بعمق في الحياة. تناسى الفقيه مدة لكنه لم يستطع استئصال صوته من ذاكرته. الصراخ كان دائما يذكره به .و يوم التقى الأبله ،وجد لذة كبرى في استفزازه. وحين تمادى في ذلك ولم يعد الأبله يتحمل. توسل اليه. رجاه بحرارة أن يفتح و لو مرة نافذة على ذاته. وحين فعل، صعق. لم يصدق .عاود البحث بجدية أكبر. اكتشف انه هو الأبله. بل وبغلا أيضا . 

انذاك تذكر الفقيه. سأل عنه. علم أنه مات. ذهب الى قبره . بكى بمرارة. ليس على موته وإنما لأن الوقت اقترب من الرواح، وهو لم يبحث بعد عن نفسه. 





Share To: