الكاتبة اليمنية / نبيهه سعيد تكتب مقالًا تحت عنوان "التركة ثقيلة"
الحوثيين يسيرون على نهج إيران فالسلطة الفعلية هناك بيد ولاية الفقيه وهو من يُهيمن على الجمهورية والرئاسة المنتخبة للدولة فالولاية الدينية فوق السلطة السياسية وإن كانت هذه السلطة منتخبة.
المرشد الأعلى للثورة في إيران يقع في أعلى هرم النظام السياسي وهو الذي يحق له وفق الدستور عزل الرئيس المنتخب وإعلان الحرب، كما أن مجلس تشخيص النظام الذي يتبع المرشد الديني هو من يزكي المرشحين لإنتخابات مجلس النواب ولا يستطيع أي مرشح خوض المنافسة الإنتخابية إلا بتزكية من هذا المجلس الفقهي الذي يضم كوكبه من الكهنوت الشيعي، جمهورية ورئيس وانتخابات ووزراء وجيش ولكن الحكم الحقيقي للكهنوت الديني من خلف كل هذا الستار الشكلي.
وولاية المرشد عند الإخوان المسلمين هو نفس نموذج النهج الإيراني فكلاهما وجهان لعمله واحده يسمى "الحق الإلهي في الحكم" ومن تمر عليه لعبة دولة المرشد الإخواني عبر رفعها لشعارات الدولة والثورة والجمهورية عليه أن لا يُعادي عبدالملك الحوثي المرشد الخميني الذي يرفع ذات الشعارات الجمهورية والثورية المخادعة التي يرفعها المرشد الاخواني..من حيث المضمون لا جديد بين المشروعين الحوثي والإخواني فالمضمون السياسي الديني المسيطر على السلطة والحياة العامة هو نفسه مع وجود بعض الفوارق الهامشيه التي لا تنسف خطوطهم الحمراء، وحدهم الذين لا يرون فرقاً كبيراً بين هذين المشروعين الإسلاميين يبصرون طريقهم بوضوح.
المؤتمر الشعبي العام الذي هيمن عليه سلطة الفرد والعائلة خلال فترة حكمه لم يستغني عن التيارات الدينية، فهذه التيارات قائمة على تفتيت المجتمعات لذا هذه التيارات تُعد رأس ماله الوحيد كي تخلوا له الأجواء ويستمر في السلطة فهو لا يمتلك أي مشروع وطني حقيقي يتسع للجميع ولا يملك أي مميزات يروج بها لنفسه سوى التغني بحماية الوطن والثورة والجمهورية من الأعداء الوهميين المتربصين.
أستعان المؤتمر الشعبي العام خلال صراعاته وحروبه بهذه الجماعات الدينية وكان أخرها استعانته بالجماعة الحوثية قبل أن يختلفوا معها حول كيفية تقاسم الكعكة وتوزيع المغانم والنفوذ.
الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي يستخدمان دائماً بشكل مقيت وقبيح في إدارة الصراعات حول السلطة والثروة بين مراكز القوى والنفوذ لذا لا ولن تخرج اليمن من نفقها المظلم إلا بتبني أنظمه مدنيه فيدرالية تحد من تسلط العسكر وتجتث أظافر كل من المؤسستين القبلية والدينية من جذورهما وتمنعهما من دس أنفهما في السياسة ومفاصل السلطة والدولة وهذا الأمر لن يتحقق بسهوله على أرض الواقع، فالتركة ثقيلة وتراكمت على مدى قرون وتطال الغالبية حتى المتعلمين.
Post A Comment: